انهيار الخدمات العامة في لبنان

كيف أفسد السياسيون القطاع العام؟
أليكس راي

10 أيار، 2023

الموجز التنفيذي

لطالما استغلت السلطة السياسية في لبنان مؤسسات الدولة للربح الشخصي وللحفاظ على شرعيتها السياسية المشوهة. إذ منحت حق الوصول إلى الخدمات العامة والوظائف بناء على الولاء بدلاً من حق جميع المواطنين بتلقي الخدمات العامة بالتساوي مستخدمة إيرادات الحكومة لبناء شبكات علاقات مع مقربين وأعوان في الخدمة المدنية.

استخدم الزعماء السياسيون الانتماء الطائفي لملء شغور مجلس الخدمة المدنية بعد الحرب الأهلية في تحد وقح للدستور، حيث قوضوا واستولوا عمداً على المؤسسات القائمة على الجدارة عبر توزيع الوظائف على مواطنين عبر إبرام آلاف العقود غير المراقبة، مما أدى إلى انعدام الثقة بالمؤسسات الحكومية، وفرض أعباء مالية غير مستدامة على المواطنين والدولة.

اليوم، بينما تنهار أجهزة الدولة (الإضرابات الجماعية لعمال مجلس الخدمة المدنية معطلين الخدمات العامة لأكثر من سنة مثال على ذلك) هناك خطر وجودي على العقد الاجتماعي المعطل في البلاد. إذ تواجه الخدمة المدنية التي تعرضت إلى استغلال الزبائنية السياسية والنفوذ الرأسمالي خطراً جديداً على الخدمات العامة نظراً إلى تضاؤل إيرادات الدولة وتدهور سعر صرف الليرة.

لذا يجب أن يتخذ اللبنانيون من هذه الأزمة فرصة لإعادة تعريف علاقتهم بالدولة مطالبين بنظام يخدمهم عوضاً عن خدمة مصالح النخبة. لكن عوائق عدة تعرقل الإصلاحات منها آليات التوظيف الحكومية المبهمة، وبيانات الرواتب الحكومية غير الموثوقة، وصلاحيات السلطة التنفيذية الغامضة، والقضاء المعرقل سياسياً.

على الرغم من أن إصلاح مؤسسات الدولة الكلي، الذي يتضمن إلغاء الطائفية والتدخلات السياسية والتوظيفات العائلية يعد ضرباً من الخيال، إذ ليس مرجحاً تحقيق هذا التغيير اليوم في لبنان. إلا أن السياسات الإصلاحية الأولية يجب أن تولي أهمية للاستدامة المالية، والتوظيف القائم على الجدارة، وخدمة المواطنين المعززة. ويلعب الضغط الدولي دوراً أساسياً لإجبار الطبقة السياسية على الرضوخ للإصلاحات.

يمكن تحقيق الخطوة الأولى عبر جعل بيانات الموارد البشرية في المؤسسات العامة متاحة للمدققين الماليين، كما يقيم المدققون حاجات وتكاليف الموارد البشرية وسياسات التوظيف وآلية المحاسبة ومراقبة مكان العمل وإمكانية زيادة الإنتاجية عبر مكننة العمليات البيروقراطية.

بعد ذلك، يجب خلق حوافز كفاءة وزيادة الاستقلالية والشفافية بتوظيف مجلس الخدمة المدنية، حتى لو تطلب ذلك نقل صلاحيات المجلس إلى شركة تدقيق مالي خارجية، وأن يشرع ويطبق البرلمان اللبناني قوانين تضمن استقلالية المحاكم الإدارية وتوسع استقلالية القضاء.

كما يجب أن تطبق الدولة التوصيات المعطاة لتعزيز البيئة التنظيمية الضرورية لخصخصة المؤسسات العامة، وأن تعطى الأولوية لخصخصة قطاع الكهرباء جزئياً عند تحقيق هذه الشروط. أخيراً، يجب دعم القوات المسلحة اللبنانية بتقويض المراكز العليا تبعاً لخطط التوظيف التنظيمي.

أسس الخدمة المدنية في لبنان

أُسست الخدمة المدنية الحديثة في لبنان بعد إصدار الميثاق الوطني سنة 1943، وهو اتفاق شفهي بين زعماء الطوائف رسخ الطابع الطائفي لزعامة الدولة وبيروقراطيتها بتفوق مسيحي ماروني. يعتبر الميثاق التعبير الأول لتقاسم السلطة في لبنان كبلد مستقل بالرغم من تكرار الطوائف الدينية في المنطقة هذه الظاهرة [1] . كما كان الميثاق الأول الذي وزع رتب الخدمة المدنية على الطوائف المختلفة [2]. منذ ذلك الوقت، يعتبر زعماء الطوائف مؤسسات الدولة آلية لإدارة العقود الاجتماعية بينهم وبين جماعاتهم الدينية مستخدمين الخدمة المدنية لتوزيع الوظائف وممارسة سلطتهم [3]، وقد سهل الغياب الدائم لهوية لبنانية لاطائفية هذه الممارسات في مؤسسات الدولة.

طبق الميثاق الوطني بصيغته الأولى كنظام حوكمة حتى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية سنة 1975، حين تضاءلت فعالية الميثاق الوطني باتخاذ وتطبيق القرارات عبر مؤسسات الدولة بعد الحرب بسبب سيطرة الرئيس الماروني الواضحة على اتخاذ القرارات في نظام تقاسم السلطة الذي يضمنه الميثاق. لكن ذلك لا يدل على فعالية أو إنصاف إدارة الدولة، بل على اتسام توزيع المسؤوليات على مؤسسات الدولة بشكل مبهم، وعادة ما اختير الموظفون بناء على المحسوبية برغم غياب مؤهلاتهم في ظل انتشار الفساد[7،6،5،4].

اعترضت النخبة السياسية في الخمسينات على حشو الخدمة المدنية بالموالين، لكن هذا الاعتراض كان نتيجة عدم قدرة هذه النخبة على القيام بالمثل وتوظيف موالين لها. على سبيل المثال لا الحصر، حاول وزير الاقتصاد سليمان العلي توظيف مؤيديه سنة 1952 بعد أن رفض وزير المالية إميل لحود توظيفهم مشترطاً حصول مؤيديه على وظائف وزارية أيضاً، وفي الفترة ذاتها، حاول وزير البريد والبرق والهاتف حينها حسين العبدالله تطبيق إصلاحات مالية في وزارته ليكتشف زيادة في التوظيف دليلها أن ثلاثة أرباع الموظفين لا يقومون بعمل مهم [8].

حتى جهود الإصلاحات  شبه الإيجابية التي بذلت في عهد الرئيس كميل شمعون (1952-1958) قوضت باستمرار تعيين المقربين من الوزراء في كل وزارة، ثم عارضها زعماء الطوائف مطالبين بتوازن طائفي في الخدمة المدنية دون المس بتعيين المقربين.
هذه الممارسات مستمرة اليوم. على سبيل المثال، ثُبتَ عشرة آلاف عنصر بالأمن الداخلي بنسبة 35 في المائة فقط من المسيحيين. بعدها، ثبتت عناصر أخرى لتشمل ثلاثة آلاف مسيحي وألف مسلم. وبعد سنة، انضم ألفا مسيحي للأمن العام دون أن ينجحوا بالاختبار المكتوب، رغم أن السجل العدلي لبعضهم لم يكن نظيفاً ولم يستوفوا المعايير الصحية التي تعتبر شرطاً أساسياً للدخول إلى الخدمة المدنية [9]. بناءً على هذا التطور التاريخي للإدارة اللبنانية، يجب أن تدرس الجهود التي رمت إلى بناء دولة مدنية محايدة، مثل تلك التي بذلها الرئيس فؤاد شهاب (1958-1964)، نقيضاً للدولة التقليدية الحزبية المنعزلة [10].

كما تزامنت العقود الأولى للدولة اللبنانية مع اقتصاد سياسي مختلف عما هو عليه اليوم. بحيث مارس معظم السكان مهنة الزراعة في القرى. وقد هدفت الخدمة المدنية إلى خلق وظائف جديدة وتخفيف النقمة على الطبقة السياسية، بينما تطور قطاعا المال والخدمة المدنية مع تطور التمدن وأصبح الاقتصاد أقل توجهاً نحو زيادة الانتاج، وانخفض إسهام القطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني من 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 1948 إلى أقل من 9 في المائة سنة 1976، كما انخفضت اليد العاملة في القطاع من 48.9 في المائة سنة 1959 إلى 18.9 في المائة سنة 1970 [11].

استخدمت الخدمة المدنية لاستيعاب جزء كبير من هذه اليد العاملة، وهي وسيلة شاعت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفترة التي تلت الاستقلال في هذه الدول [12]. وبلغ متوسط الداخلين إلى سوق العمل 20 ألف، أي أكثر من الوظائف المتاحة في القطاع الخاص في لبنان بين عامي 1997-2009 [13]. واستمرت الطبقة السياسية بالسعي وراء كسب شرعيتها بمجتمعاتها الطائفية عبر تعيين المقربين منها في مؤسسات الدولة المتخمة بدلاً من دعم القطاع الخاص لملء هذا النقص بسوق العمل [14]. إذ يقدر ارتفاع موظفي القطاع العام في لبنان من 57 ألف موظف سنة 1974 منهم 55 ألف منتسب للخدمة المدنية، و20 ألف منتسب للجيش إلى ثلاثمئة ألف سنة 2017 [15]. وفشلت المحاولات الخجولة لخفض التخمة في القطاع العام بمعالجة المشكلة، منها قرار وقف التوظيف سنة 1996 [17،16].

خلق تقسيم لبنان إلى إقطاعات طائفية خلال الحرب الأهلية نظاماً مهجناً سمح للميليشيات بتولي مهام كانت تقع على عاتق الدولة، كإيجاد إيرادات وتوفير الخدمات [18]، مما أدى إلى اعتماد التوظيف المحلي التعاقدي لتولي مهام الخدمة المدنية في بعض المناطق والقطاعات كالتعليم. ونجم عن تفتت الدولة خلق قوى عاملة غير كفوءة تفتقد إلى المهارات، ودخلت إلى الخدمة المدنية. كما قوض ذلك الخدمات العامة، وسمح لزعماء الحرب الطائفيين بالاستيلاء على وظائف الدولة كوسيلة لتوفير إيرادات من الإيجارات وتقوية الشبكات الرعائية [19].

وعمل القطاع الخاص والجمعيات غير الحكومية (الذي اقتصر عمل عدد كبير منها على خدمة بعض الطوائف فقط) على ملء الثغرات التي تسبب بها غياب الدولة خلال الحرب، لكنهما تطلبا موافقة ورعاية الميليشيات للعمل في مناطق تقع تحت نفوذها. مما خلق بعد الحرب وضعاً خسرت فيه الدولة موظفيها الأكفاء، وقدرتها على توفير الخدمات الأساسية، بينما يعتمد مواطنوها هيكلياً على خدمات توفرها الطوائف [20].

ضمن هذا الإطار، قونن اتفاق الطائف تقسيم الدولة على أسس طائفية، وهو اتفاق أنهى الحرب الأهلية سنة 1989، ووزع موارد الدولة على زعماء الحرب. للإنصاف، نتج عن الاتفاق دستور حصر الكوتا الطائفية بمناصب الفئة الأولى في الدولة وما يوازيها بحسب البند ب من المادة رقم 95، لكن الطبقة السياسية تجاهلته بوقاحة واتبعت كوتا طائفية في توظيفات مجلس الخدمة المدنية [21]، أي أن الدولة خرقت الدستور منذ توقيع الاتفاق.

تكاليف باهظة وخدمات سيئة وشفافية رمزية

نفتقد لبيانات واضحة عن عدد الموظفين في الخدمة المدنية ورواتبهم ومؤشرات أدائهم، ولا يوجد أرقام دقيقة عن الأقسام الإدارية العامة التي تعمل “خارج الميزانية”، أي تلك التي لا توثق ميزانيتها بشفافية لوزارة المالية، حيث تكثُر مؤسسات الظل التي يتقاضى موظفوها رواتب، بيد أنها لم تعمل لسنوات طويلة مثل مديرية سكك الحديد [24،23،22].

لم تلتزم الكثير من الإدارات والمؤسسات العامة بتقديم الملفات المطلوبة عندما طُلب منها في موازنة 2019 تحديد مواردها البشرية، ومن هذه الإدارات والمؤسسات نذكر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والمحاكم الروحية السنية والجعفرية، والمديرية العامة للأمن العام، والمفتشية العامة لقوى الأمن الداخلي [26،25]. كما لم يأخذ الإحصاء بعين الاعتبار الجهات الإدارية العامة التي لا تقع تحت مظلة مجلس الخدمة المدنية، والتي يبقى عددها مجهولاً [27]. وبحسب الإحصاء الذي لم يتضمن جميع البيانات، يعمل على الأقل 91 ألف موظف في الخدمة المدنية، ويتضمن هذا الرقم على الأقل 38 ألف متعاقداً، لكن يستثني المؤسسات العسكرية والأمنية التي يرجح استيعابها 120 ألف عنصراً [28].

المجموعة الأولى: القوات المسلحة اللبنانية 

لم تسلم القوات المسلحة اللبنانية من تأثير التعيينات الطائفية واستخدام التوظيف كوسيلة رعاية، بالرغم من أن المؤسسة معروفة بالاحترام والحيادية مقارنة بالإدارات والمؤسسات العامة، وتشغل طوائف محددة المناصب العليا بالقوات المسلحة اللبنانية مع أن مجهوداً يبذل للحفاظ على تقاسم مسيحي- مسلم في مناصبها. إذ إن العرف يقوم على تولي مسيحي ماروني قيادة الجيش، ودرزي رئاسة الأركان. كما يجب أن يمثل الشيعة والسنة والروم الأرثوذوكس والروم الكاثوليك بأربعة جنرالات، وقد أدى تقاسم السلطة إلى التأثير على التعيينات في القوات المسلحة للاستيلاء على المراكز القيادية من خلال المناورة السياسية.

تعكس تجربة القوات المسلحة اللبنانية قبل وبعد بدء الأزمة سنة 2019 تجربة الخدمة المدنية، إذ صُرف أكثر من 71 في المائة من ميزانية القوات المسلحة لدفع رواتب العاملين ومخصصاتهم ومعاشاتهم التعاقدية قبل سنة 2019، بينما يخصص بلد مثل فرنسا فقط 32 في المائة من ميزانيته للهدف نفسه. يتسبب ارتفاع رواتب الضباط من الرتبة العليا بارتفاع كلفة رواتب القوات المسلحة إذ يتلقى هؤلاء الضباط رواتب ومعاشات تعاقدية أعلى من غيرهم من العاملين في المؤسسات الأمنية الأخرى. قد يخدم الآن ما يقارب 400 ضابط برتبة جنرال في الجيش بدلاً من 160 ضابطاً التي تدعو هيكلية قيادة القوات المسلحة الرسمية بتوظيفهم كحد أقصى، وتضخم حجم القوات المسلحة اللبنانية أربع مرات منذ سنة 1974، إذ تضم ما يقارب 80 ألف عسكري.

عانت القوات المسلحة اللبنانية من غياب عناصرها المتكرر وانخفاض معنوياتهم بعد تدهور قيمة الرواتب المدفوعة بالليرة اللبنانية منذ سنة 2019، وانخفضت رواتب معظم العسكريين إلى أقل من 50 دولاراً شهرياً، مثل معظم العمال بالقطاع العام. لذلك، سمحت القوى المسلحة اللبنانية للعسكريين بأخذ إجازة لعدة أيام أسبوعياً للحصول على عمل ثانٍ أو حتى ثالث مخفضين عدد العسكريين الذين يخدمون يوميا بنسبة 50 أو 60 في المائة، كما استقال ما يقارب الألفي عسكري من الجيش بين عامي 2019-2021 مخفضين عدد العاملين بالقوى المسلحة للمرة الأولى منذ سنة 2007 [29].

تظهر الأرقام الرسمية التي تقدمها الوزارات فراغاً يقدر بأكثر من 70 في المائة في الوظائف من الدوام الكامل على الأقل رسمياً [30]، بالرغم من ارتفاع نسبة شغور الخدمة المدنية نسبة لنوعية وكمية العمل الذي تقدمه، وتتضاعف التناقضات بتخمة بعض قطاعات الخدمة المدنية، مثل التعليم وكهرباء لبنان، بالموظفين المتعاقدين. لكن نقص البيانات وسوء حفظ السجلات يمنعنا من معرفة نسبة الشغور التي يملؤها المتعاقدون، وتلك التي يملؤها الموظفون بدوام كامل، ويرجح أن آلاف الوظائف الرسمية لم تعد ضرورية، حيث أدى سوء التواصل بين الوزارات إلى سوء توزيع الموظفين في بعض المؤسسات ونقصهم في مؤسسات أخرى [32،31].

كما تبقى رواتب العاملين في الخدمة المدنية مجهولة. يحدد نظام مخصص ومجهول المكاسب والجوائز لكل عامل بالخدمة المدنية [34،33] بيد وجود مقياس راتبي رسمي [35]. إذ ارتفعت نفقات الخدمة المدنية من الميزانية أكثر من النفقات الأخرى منذ 2010 حتى اليوم، ووصلت إلى 38 في المائة من مجمل نفقات الحكومة سنة 2018، وقد أدى ضعف جباية الضرائب في لبنان إلى تمركز معظم نفقات الحكومة حول ثلاثة أهداف: رواتب القطاع العام، بالإضافة إلى دفع الديون والتحويلات لشركة كهرباء لبنان [36]. في حين انخفضت نسبة النفقات من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بدول مشابهة للبنان مثل قبرص والأردن.

أوقف التوظيف الحكومي سنة 2017 كاعتراف ظاهري بغياب استدامة تضخم الخدمة المدنية [37]، لكن وظف على الأقل 1,400 شخصاً بشكل غير قانوني بين آب (أغسطس) 2017 وآب (أغسطس) 2019 في الوزارات وحدها، بالرغم من إيقاف التوظيف [38]، وزاد الوقف التوظيفي من تسييس توظيف الخدمة المدنية تلقائياً عبر إخضاع توظيف المياومين والمتعاقدين للصلاحيات الوزارية [39].

المجموعة الثانية: المياومون والمتعاقدون والمثبتون

يمثل المتعاقدون هدفاً سهلاً لانتقاد التوظيف الزائد في الخدمة المدنية في لبنان لتوظيفهم المباشر في الوزارات والإدارات العامة الأخرى بلا رقابة فعلية، والذين ازداد عددهم بعد الحرب ليشكلوا تقريباً نصف الموظفين [40].

سرع توظيف المتعاقدين بعد الحرب [41]. مثلاً، يشكل المتعاقدون 60 في المائة من العاملين في قطاع التعليم، وهو القطاع غير الأمني الأكثر توظيفاً حتى اليوم، كما يشغل المتعاقدون في قطاعات أخرى وظائف مهمة غير تابعة لمجلس الخدمة المدنية، وهو القسم الحكومي المكلف بتوظيف العاملين في القطاع العام. عادة ما تكون المواصفات التوظيفية التي يطرحها مجلس الخدمة المدنية قديمة، وتفتقد لوظائف هامة في الإدارة الحديثة كالمعلوماتية الإدارية [45،44،43،42].

كما تسيطر التوظيفات الرعائية على تعيينات مجلس الخدمة المدنية. بعد نجاح المتقدمين على اختبارات الخدمة المدنية يقرر الوزراء، وغيرهم من السياسيين مصير تعيينهم في الخدمة المدنية، بينما تراقب كل وزارة على حدة أداء الموظف، ويحتفظ المثبتون بوظائفهم مدى الحياة، إذ يصعب طردهم عبر آليات المراجعة المؤسسية بعكس المتعاقدين الذين قد يخسرون عملهم بأمر من الوزير.

يعتبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جهة أخرى تلعب دوراً أساسياً في مجلس الخدمة المدنية في لبنان، إذ يدعم البرنامج تياراً موازياً من الموظفين المتمكنين في الخدمة المدنية منذ 1992. تضمن هذا المشروع الهادف إلى دعم الإدارات المدنية بموظفين متمرسين وهيكليات توظيفية جديدة 67 مشروعاً بوزارات وأقسام إدارية عدة سنة 2010، ولعب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة دوراً مكثفاً وفعالاً بالخدمة المدنية مقارنة مع باقي الموظفين، حتى أصبح البرنامج مسؤولاً عن نسبة ملحوظة من مهام الخدمة المدنية [46].

خفض انتهاك الخدمة المدنية لعقود من معنويات الموظفين وسمعة خدماتهم بين اللبنانيين، وقد ذلك أدى إلى غياب الثقة في النظام اجتماعياً، حيثُ أبدا فقط 20 في المائة من اللبنانيين ثقتهم بالمؤسسات اللبنانية الأساسية قبل 2019 [47]، كما لم تسجل أي خدمات حكومية نسبة رضى تفوق الـ50 في المائة سوى القوى الأمنية في منطقتي البقاع والنبطية جنوب لبنان [48].

كما خفضت الصورة النمطية للكثير من موظفي الخدمة المدنية كمعيقي الإصلاحات أو رافضي العمل من معنويات الموظفين [49]. ووجدت دراسة أجريت سنة 2016 على أكثر من 450 موظف في الخدمة المدنية أن الغالبية واعية على اعتماد مسيرتهم المهنية على العلاقات الرعائية السياسية [50]. ووجدت دراسة أخرى أجريت سنة 2021 أن 82 في المائة من العاملين في الخدمة المدنية لا يظنون أن الترقية تتم على أساس الكفاءة، بل يعتقد 40 في المائة منهم أنها تتحقق بناء على المحسوبية [51].

يفتقد الكثير من المسؤولين الإداريين وموظفيهم للمعرفة التامة بأدوارهم ومسؤولياتهم خاصة بعلاقتها مع الجهات الإدارية الأخرى، ويتجذّر تشابك وتنافس ولايات الكثير من الوزارات والمؤسسات العامة وجهات حكومية أخرى في اللغة المبهمة التي يستخدمونها في ولاياتهم القانونية، وهي لغة تسمح لهم بتحقيق هدفهم بالهرب من المسؤولية والمطالبة بسلطة اتخاذ القرارات [53،52].

القسم الثالث: مجلس الخدمة المدنية

أُسس مجلس الخدمة المدنية سنة 1959 كجهة مسؤولة ظاهرياً عن إيجاد موظفين للخدمة المدنية، وملء شغور الموارد البشرية، وحل سوء استخدام النفقات العامة، كما كان من المفترض أن يحرص على تطبيق آلية توظيف مبنية على الكفاءة عبر إجراء الامتحانات، وتوزيع المرشحين على الوزارات في جولتين خلال السنة. ويهدد مجلس الخدمة المدنية باستحواذ التعيينات السياسية عليه، وفقدان دوره الأساسي بيدٍ تمتعه بإمكانية بدء نقلة نوعية نحو توظيف مبني على الكفاءة.

خسر مجلس الخدمة المدنية قدرته على إتمام عملية التوظيف في الوزارات بنهاية الحرب الأهلية، بينما ارتفعت نسبة الشغور وزادت الحاجة إلى إيجاد موظفين متخصصين للمساعدة في عملية إعادة الاعمار. في هذه الحقبة، تراجع أداء مجلس الخدمة المدنية بتحديث عملية التوظيف والاختبارات المتبعة [54].

كما سَرع غياب مرونة النموذج الذي يتبعه مجلس الخدمة المدنية تراجع نوعية عمله. مثلاً، يجب على الوزارات الانتظار لمدة قد تصل إلى سنتين للحصول على موظفين جدد بحسب دورة التوظيف التي يتبعها مجلس الخدمة المدنية. كما أنه يخلق الوظائف التي تتساوى مع المؤهلات التي تدرس بالجامعة اللبنانية فقط [55]، وقد حفز جمود مجلس الخدمة المدنية والمعايير التي يتبعها التوظيف التعاقدي مع الوزارات مباشرة، والالتفاف على معايير مجلس الخدمة المدنية.

لم يجدد مجلس الخدمة المدنية آليات التوظيف والاختبار منذ التسعينات حتى اليوم لتتماشى مع احتياجات التوظيف الحديثة، ولم يجر تحليلاً عميقاً لأعداد وأنواع الموظفين الذين تحتاجهم الخدمة العامة الحديثة. يقع مجلس الخدمة المدنية، ومؤسسته الشقيقة مركز التفتيش تحت سلطة رئيس مجلس الوزراء، لذا فإن نتائج بحوثهم وتوصياتهم تتطلب موافقة مجلس الوزراء، ويراقب مركز التفتيش الخروقات في الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات، كما يدرس الإصلاحات الضرورية خلال مدة ولايته [58،57،56].

عوائق أساسية تتطلب الاصلاح 

أتاح مجلس الخدمة المدنية للطبقة السياسية الحاكمة ضبط الموارد التي يتلقاها، وينفقها قبل بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان سنة 2019، بينما وزعت الطبقة السياسية خدمات عبر مجلس الخدمة المدنية، وتضمنت استمرار اعتماد المواطنين على هذه الخدمات عبر تغييب الخدمات العامة [59]. لقد استخدم السياسيون بنفس الحقبة حججاً تاريخية وعاطفية مفادها “الدفاع عن الطائفة” لتبرير تقسيم الدولة طائفياً [60].

تظهر مركزية هذا النموذج بالمبالغ الطائلة التي صرفتها الحكومة على القطاع العام، وتحويلها إلى شركة كهرباء لبنان التي تملكها الدولة، وتمثل المشاكل المنتشرة في مجلس الخدمة المدنية، وتأثيرها على المواطنين المجبورين على اللجوء إلى القطاع الخاص لإمدادهم بالكهرباء 61، وشكل هذين الإنفاقين بالإضافة إلى تسديد الديون 80 في المائة من إنفاق موازنة سنة 2018 [62].

انهار نظام الرعاية الذي سهله مجلس الخدمة المدنية منذ بدء انهيار الليرة سنة 2019، كما انهالت الإضرابات على القطاع العام، خاصة قطاعي التعليم والقضاء، مع انهيار أجور العاملين بمجلس الخدمة المدنية، مما أوقف عمل الدولة [63]. وتخسر الطبقة السياسية في لبنان قدرتها على حماية شبكات الرعاية عبر الخدمة المدنية مما يشكل ضربة لشرعيتها السياسية، ويؤثر على علاقاتها مع أفراد جماعاتها الطائفية.

عملت الحكومة مراراً على تحسين علاقتها مع العاملين بالخدمة المدنية برفع أجورهم، إذ صرفت 75 في المائة من نفقات الحكومة على الحماية الاجتماعية لموظفي الدولة منذ بدء الأزمة سنة 2019، بالرغم من أنهم يشكلون فقط من 20 إلى 25 في المائة من اليد العاملة [64]، لكن الطبقة السياسية قوضت جهودها بتجاهل انهيار العملة الوطنية والتضخم المالي اللذين يعتبران عوارض الأزمة المالية.

شهد لبنان تغيراً طفيفاً بإنتاجية مجلس الخدمة المدنية بالرغم من إنفاق الممولين الدوليين ملايين الدولارات على إصلاحات مجلس الخدمة المدنية وتأسيس وزارة متخصصة [65]، وهي وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية. وتجذب الجهود المبذولة ضمن إطار إيجاد حلول لهدر التمويل أو التوظيف اللاقانوني اهتماماً قليلًا في ظل غياب التحفيز السياسي لتغيير النظام أو تشكيل قضاء مستقل لحل الخروقات القانونية الاعتيادية [66]، نظراً لوقوع القضاء تحت سلطة مجلس الخدمة المدنية الذي يتأثر مثله بالتدخلات السياسية [67].

يعيق الإشباع السياسي والطائفي للإدارات والقضاء العام الفصل الفعال بين أذرع الدولة القضائية والتشريعية والتنفيذية [68]، ويتجلى ذلك بوضوح بدور القضاء الذي يجب أن يتمتع نظرياً بالقدرة على إلغاء القرارات والأعمال اللادستورية التي تقوم بها أجهزة الدولة، ومنها اعتماد التوظيف الطائفي لانتقاء الموظفين في الخدمة المدنية من الدرجات غير الأولى [69].

المجموعة الخامسة: الخصخصة 

يرى المحللون السياسيون أن خصخصة مؤسسات الدولة وخدماتها هي طريقة للالتفاف على نقص فعالية خدمات الدولة، كما يرجحون مؤخراً أنها وسيلة لتحقيق إيرادات للحد من الأزمة المالية [72،71،70]، ويشير مؤيدو الخصخصة الكلية أو الجزئية (عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص) إلى فوائد الخصخصة، إذ تتيح المنافسة وترفع فعالية امتيازات الشركات الخاصة، وتزيد الشفافية. وقد رفض السياسيون الخصخصة تاريخياً تحت شعارات حماية المصلحة العامة، والمحافظة على الموارد في قبضة الدولة بغض النظر عن فوائدها الممكنة.

يجب أن يقرأ هذا الموقف كخطاب فارغ في ظل فشل مؤسسات الدولة بتوفير الخدمات الأساسية بالرغم من دعم السياسيين الخصخصة غير المنظمة، خاصة في حالة المولدات الكهربائية والمياه اللتان يكون أصحابها على صلة وثيقة مع الطبقة السياسية [74،73].

في لبنان عدة مؤسسات يمكن أن تخصخص، ومنها شركة كهرباء لبنان، بالإضافة إلى كازينو لبنان وخطوط طيران الشرق الأوسط وشركة الريجي، وتختلف من مؤسسة إلى أخرى درجة الخصخصة المثلى، ومستوى جاذبية المؤسسة للمستثمرين، والمخاطر المحتملة ومجمل العائدات [75]. تحقق بعض المؤسسات الأرباح، خاصة مرفأ بيروت وقطاع الاتصالات اللذان حققا بين 11 و14 في المائة من مجمل إيرادات الدولة خلال السنوات الخمس قبل الأزمة الاقتصادية الراهنة [76]. ويجب أن تحقق الخصخصة أرباحاً ملحوظة، وإيرادات واسعة للاقتصاد ككل للتعويض عن خسائر إيرادات الحكومة.

تعتمد نتائج الخصخصة بشكل كبير على مدى تنظيم القطاع، والمنافسة التي قد تطرحها في السوق، إذ قد يتحول احتكار عام إلى آخر خاص [77]، كما يطرح تساؤل آخر في لبنان عن إمكانية إلغاء التدخلات السياسية البارزة في أكثرية الاقتصاد اللبناني عبر الخصخصة. مثلاً، ليس مرجحاً أن تعود خصخصة مؤسسة بالمنفعة على المجتمع إذا بيعت لشركت خاصة قريبة أو مملوكة من سياسي [78].

لكن لا يجب أن تعتبر الخصخصة حلا طارئاً أو ملائماً للأزمة المالية اللبنانية، ويجب أن تعتمد فقط عندما تكون الدولة بموقع مناقشة سعر عادل لبيع المؤسسة، وتجهيز شروط تنظيمية مسبقة ومناسبة. كما قيمت الشراكات بين القطاعين الخاص والعام ملائمة في مجالات كالاتصالات والمواصلات والطرقات ومحطات توليد الكهرباء المتجددة منها والنفطية [79].

في الإجمال، مساهمة المؤسسات التي تملكها الدولة بإيرادات الحكومة إيجابية هامشياً، وقد تكون أعلى لولا التبذير الذي يتطلبه استمرار شركة كهرباء لبنان المعطلة بالعمل [80]. كما يمكن إلغاء أو تقليص عبء شركة كهرباء لبنان عبر الخصخصة المناسبة والمنظمة. ويتيح القانون رقم 462 الذي لم يطبق بتاتاً خصخصة ما يصل إلى 40 في المائة من شركة كهرباء لبنان والشراكات بين القطاعين العام والخاص في توليد الكهرباء وتوزيعها في ظل سيطرة الدولة على تحويل الشركة، وتعد قيمت مشاركة القطاع الخاص أساسية لتحرير المنافسة في إنتاج وتوزيع الكهرباء في ظل استمرار سيطرة الحكومة كوسيط لتأمين البنى التحتية الأساسية [81].

لكن الخصخصة غير موصى بها في حال لبنان اليوم لغياب أطر العمل المنظمة، والمناسبة لضمان تحسن الخدمة التي يتلقاها المستهلك اللبناني. ومن الصعب إيجاد شركات ذات سمعة حسنة للاستثمار في لبنان بشروط مقبولة بسبب ارتفاع مخاطر الاستثمار وتعطيل القطاع المصرفي، أي أن المرشحين المرجحين هم من الشركات المرتبطة بشخصيات سياسية بارزة، كما سترفع نسبتي الخطورة والتسليف من كلفة إجراء مشاريع ضخمة لتحسين البنى التحتية اليوم، مما سيرفع تكلفة المشاريع للقطاع الخاص مقارنة بتولي الدولة إنهائها [82].

المضي قدماً

تتعارض الثقافة السياسية التي توجه مجلس الخدمة المدنية مع دولة عادلة وحديثة منذ الاستقلال، فانهيار العلاقة الكارثي بين الدولة ومؤسساتها والشعب يمثل فرصة لإعادة بناء هذا العنصر الأساسي في العقد الاجتماعي اللبناني.

في عالم مواز، يعاد تشكيل النظام كلياً بلا أثر طائفي، لكن في ظل استحالة هذه الجهود في لبنان اليوم، يجب على المعنيين العمل على تحقيق الإصلاحات التي: أ) تزيد من استدامة الخدمة المدنية المالية، ب) زيادة التوظيف المبني على الكفاءة، ج) تحسين الخدمات المقدمة. يجب أن تتبع هذه النقاط كشروط أساسية حتى يتفق المجتمع اللبناني على أن الهوية الطائفية لا يجب أن تكون قاعدة تتبع لبناء وممارسة الخدمة المدنية أو النظام السياسي، نظراً لأن أساس تطبيق هذه الجهود يعود إلى فصل البيروقراطية عن القضاء والزعامة السياسية.

يوضح التباين بين الشغور بالوظائف من دوام كامل وفائض المتعاقدين والموظفين غير الكفوئين في مجالات أخرى غياب حل واحد لإصلاح حجم وهيكلية مجلس الخدمة المدنية في لبنان، إذ يجب عقلنة كل فرع من الخدمة المدنية بحسب التدقيق الجنائي بموارده البشرية وإمكانياته المالية الحقيقية، ومن المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى صرف آلاف الموظفين اللاضروريين من المثبتين والمتعاقدين مع ضمان برامج الحماية الاجتماعية وتعويض نهاية الخدمة.

في نفس الوقت، يجب أن تزداد سياسات التوظيف مرونة لتلبي كافة احتياجات الإدارات المختلفة، ومهارات اليد العاملة المتغيرة، كما يجب عزل التوظيف عن التأثير السياسي عبر ضمان استقلال القضاء والقيام بإصلاحات لتعزيز شفافية عمليات الشراء العام في المؤسسات العامة.

يمكن أن تلعب الوكالات المانحة التي تركز على إصلاح الخدمة المدنية وتعزيز الحماية الاجتماعية دوراً مهما في تيسير صرف آلاف العمال الذين يجب تسريحهم، ويجب تشكيل ضغط دولي لتحفيز الطبقة السياسية على تطبيق التوصيات التي تعيق إعطاء الدعم المالي بشرط تطبيق الإصلاحات، وفرض العقوبات من مسار الإصلاح.

نقدم التوصيات التالية كنقاط أساسية لبدء مسار الإصلاح المكثف الذي تحتاجه المؤسسات العامة في لبنان لإتمام واجبها الأساسي وهو توفير الخدمات للبنانيين.

التوصيات

إتاحة بيانات الموارد البشرية في كل مؤسسة عامة لمدقق خارجي لإجراء تدقيق جنائي للموظفين وحاجاتهم ونفقاتهميعتبر التدقيق الجنائي خطوة أولى نحو عقلنة وإعادة توزيع الموارد البشرية. ويجب أن يتضمن عمل المدقق الخارجي تقييم احتياجات المتعاقدين الحاليين، ومستوى الشفافية في توظيف المتعاقدين، وآليات الرصد والمحاسبة المتبعة بعد توظيفهم. كما يجب أن يتطرق التقييم إلى إمكانية الرقمنة لتحسين الفعالية، وتحديث احتياجات الموظفين في جميع الإدارات والمؤسسات العامة. يجب تشجيع المتعاقدين المخولين لملء شغور دائم بالانضمام إلى مجلس الخدمة المدنية. كما يجب دعم وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية لدمج نتائج التدقيق الجنائي لإصلاح المقترحات وتطبيقها.

تقييم خيارات إصلاح مجلس الخدمة المدنيةيجب أن يسعى التقييم لبناء النموذج الأمثل الذي يؤسس للاستقلال من الاستيلاء السياسي، ويخلق حافزاً لزيادة فعالية التوظيف في القطاع العام. سيأخذ الاستبيان في عين الاعتبار جميع الخيارات الأخرى، منها تحويل صلاحيات مجلس الخدمة المدنية إلى شركة تدقيق خارجية التي قد تعطى صلاحيات لتطبيق إصلاحات في سياسات التوظيف المتبعة بتدقيق المجلس النيابي بلا موافقة الحكومة.

التصديق وسن قانون يضمن استقلال المحاكم الإداريةإحدى لجان البرلمان تراجع مسودة هذا القانون الذي يجب أن يخلو من الثغرات التي تسمح بالتدخلات السياسية بالقرارات الإدارية، بعدها، يتوّجب على المحاكم الإدارية المستقلة استئناف تطبيق البند ب من المادة 95 من الدستور. كما يجب أن تدعم استقلالية القضاء بجميع فروعه بقانون رئيسي لاستقلالية القضاء يكتب مسودته المجتمع المدني.

تعزيز البيئة التنظيمية الضرورية لخصخصة مؤسسات الدولة عبر تطبيق الحكومة للتوصيات المقدمة سابقاًتتطلب هذه التوصية منظمي قطاعات أقوياء ومستقلين وجهاز توظيف فعال لمجلس الخدمة المدنية وموازنة توظيف المتعاقدين والمثبتين. بعد تحقيق هذه الظروف، يجب خصخصة شركة كهرباء لبنان أولاً لاستنزافها المال العام، وكتابة مسودة قانون مديرية الوصاية المؤسسة سابقاً. كما يجب تعزيز مديرية الوصاية لمراقبة التسعير ومنع نشوء الكارتلات في القطاع، وضمان تحديث نظام القياس لاستخدام الأمتار الذكية بالشبكة.

تخفيض المراكز العليا في القوى المسلحة كجزء من تطبيق خطط التوظيفسيقلل هذا الإجراء على المدى البعيد من نفقات القوى المسلحة بخفض رواتبهم وامتيازاتهم وتعويضاتهم.

ملاحظة المحرر: يشكر “البديل” الاختصاصيين التقنيين الذين أضفوا مداخلاتهم إلى هذا البحث، ويوجه شكر خاص لكل من: لمياء معوض وسابين حاتم وأسامة مصطفى.

المصادر: 

  1. باحوت (2016) “انهيار اتفاق الطائف اللبناني: حدود تقاسم السلطة الطائفي“، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
  2. المرجع السابق.
  3. شهدا (2005) “دور مجلس الخدمة المدنية بإصلاح البيروقراطية اللبنانية“، أطروحة الماجستير، جامعة سيدة اللويزة، لبنان.
  4. المرجع السابق.
  5. مبيض بساط (2018) ” لماذا يعتبر ضرورياً إصلاح مجلس الخدمة المدنية بالأزمات؟” معهد باسل فليحان المالي.
  6. ب. سلوخ  (2019) “الطائف والدولة اللبنانية: الاقتصاد السياسي لقطاع عام شديد الطائفية والوطنية والسياسات الإثنية”، DOI:10.1080/13537113.2019.1565177.
  7. المجلس اللبناني للتخطيط والإنماء، خطة خمس سنوات لإنماء الاقتصاد اللبناني، بيروت 1958، الصفحة 339-341،  بعقلينيي، عبدو إسكندر (1963) “مجلس الخدمة المدني في لبنان” الجامعة الأميركية في بيروت.
  8. شهدا (2005) “دور مجلس الخدمة المدنية في إصلاح البيروقراطية اللبنانية“، أطروحة الماجستير، جامعة سيدة اللويزة، لبنان.
  9. ب. سلوخ “الطائف ودولة لبنان: الاقتصاد السياسي لقطاع عام طائفي للغاية والقومية والسياسية العرقية”، DOI:10.1080/13537113.2019.1565177.
  10. سي. أف. فيرلي (2017) “الدولة المستقلة ودولة الاستقلال: التحدي الشهابي للاستقرار الديمقراطي اللبناني“، أطروحة الماجستير، كينغز كوليج لندن.
  11. ج. ضاهر (2022) “لبنان: كيف أدى الاقتصاد السياسي للحرب الماضية إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحالية؟“، يوروبيان يونفارستي انستيتيوت.
  12. شهدا (2016) “آثار العوامل السياسية على دوافع الخدمة العامة: شهادة من الخدمة المدنية اللبنانية”، جريدة العلوم السياسية والشؤون العامة، المجلد 4، العدد 4.
  13. ب.سلوخ (2019) “الطائف والدولة اللبنانية: الاقتصاد السياسي لقطاع عام طائفي للغاية والقومية والسياسية العرقية”، DOI:10.1080/13537113.2019.1565177.
  14. روز س. (2019) “أم بي أس اللبنانية: توظيف 15000 موظف حكومياً بشكل غير قانوني” ذا ناشيونال، 28 شباط (فبراير) 2019.
  15. ب.سلوخ (2019) “الطائف والدولة اللبنانية: الاقتصاد السياسي لقطاع عام طائفي للغاية والقومية والسياسية العرقية”، DOI:10.1080/13537113.2019.1565177.
  16. المرجع السابق.
  17. أ. لو بورنج و ت.ج. جايكوبز (2016) “لبنان-تحويل تخفيض نسبة الفقر ومشاركة الازدهار: تشخيص دولة النظامية” واشنطن دي.سي مجموعة البنك الدولي.
  18. راي. أليكس، “محاولات لإنقاذ النظام التعليمي في لبنان قبل فوات الأوان” 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2022، موقع البديل.
  19. أ. لو بورنج و ت.ج. جايكوبز (2016) “لبنان-تحويل تخفيض نسبة الفقر ومشاركة الازدهار: تشخيص دولة النظامية” واشنطن دي.سي مجموعة البنك الدولي.
  20. ب.سلوخ (2019) “الطائف والدولة اللبنانية: الاقتصاد السياسي لقطاع عام طائفي للغاية والقومية والسياسية العرقية”، DOI:10.1080/13537113.2019.1565177.
  21. أل بي سي (2019) “يعمل في إدارة السكك الحديدية في لبنان 300 موظف، لكن لا توجد خطوط سكك حديدية” التحالف اللبناني العالمي للبث.
  22. مقابلة مع أسامة صفة، رئيس قسم العدالة الاجتماعية والمشاركة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، المدير العام السابق للمركز اللبناني للدراسات السياسية، 29 آذار (مارس) 2023.
  23. مقابلة مع سابين حاتم، خبيرة اقتصادية في معهد باسل فليحان، وزارة المالية اللبنانية، 28 آذار (مارس) 2023.
  24. ألزمت المادة 80 من القانون رقم 144 المتعلق بالموازنة العامة والميزانيات التكميلية لعام 2019، الحكومة بإجراء مسح وظيفي شامل لجميع الإدارات والمؤسسات العامة التي تتعامل مع شؤون الموظفين (ديوان الخدمة المدنية وديوان التفتيش المركزي)، على أن: نسخة منه يجب أن تحال إلى البرلمان.
  25. مبادرة غربال (2021) “المسح الوظيفي: 92 ألف فرد في القطاع العام و72 في المائة شغور و27 ألف وظيفة قد تخفي تعاقد غير قانوني“.
  26. مقابلة مع سابين حاتم، خبيرة اقتصادية في معهد باسل فليحان، وزارة المالية اللبنانية، 28 آذار (مارس) 2023.
  27. ب.سلوخ (2019) “الطائف والدولة اللبنانية: الاقتصاد السياسي لقطاع عام طائفي للغاية والقومية والسياسية العرقية”، DOI:10.1080/13537113.2019.1565177.
  28. الغصيني، جاد “القوة مقابل الأموال: إنقاذ جيش لبنان من الانهيار المالي“، 30 كانون الأول (ديسمبر) 2021، موقع البديل.
  29. مبادرة غربال (2021) “المسح الوظيفي: 92 ألف فرد في القطاع العام و72 في المائة شغور و27 ألف وظيفة قد تخفي تعاقد غير قانوني“.
  30. مقابلة مع سابين حاتم، خبيرة اقتصادية في معهد باسل فليحان، وزارة المالية اللبنانية، 28 آذار (مارس) 2023.
  31. ر.سلامة (2022) “الموظفون المدنيون اللبنانيون يغادرون وفوداً، ولن يستبدلوا قريباً“، لوريانت توداي، 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022.
  32. ذا مونثلي “يحصل موظفو الخدمة المدنية من 38 حتى 144 في المائة على زيادة في الأجور“.
  33. ر.ر. عزور (2013) “تكلفة طاقم العمل في الحكومة المركزية مراجعة تحليلية للعقد الماضي” معهد باسل فليحان.
  34. مقابلة مع لمياء مبيض رئيسة معهد باسل فليحان، وزارة المالية اللبنانية.
  35. البنك الدولي (2022) “مخطط بونزي في لبنان يتسبب بمعاناة اجتماعية واقتصادية غبر مسبوقة للشعب اللبناني” مجموعة البنك العالمي.
  36. ب.سلوخ (2019) “الطائف والدولة اللبنانية: الاقتصاد السياسي لقطاع عام طائفي للغاية والقومية والسياسية العرقية”، DOI:10.1080/13537113.2019.1565177.
  37. مبادرة غربال (2020) “إعداد الموظفين في الوزارات اللبنانية” مبادرة غربال، لبنان.
  38. مقابلة مع سابين حاتم، خبيرة اقتصادية في معهد باسل فليحان، وزارة المالية اللبنانية، 28 آذار (مارس) 2023.
  39. مبادرة غربال (2021) “المسح الوظيفي: 92 ألف فرد في القطاع العام و72 في المائة شغور و27 ألف وظيفة قد تخفي تعاقد غير قانوني“.
  40. مقابلة مع سابين حاتم، خبيرة اقتصادية في معهد باسل فليحان، وزارة المالية اللبنانية، 28 آذار (مارس) 2023.
  41. مقابلة مع سابين حاتم، خبيرة اقتصادية في معهد باسل فليحان، وزارة المالية اللبنانية، 28 آذار (مارس) 2023.
  42. ت. سكالين (2017) “The administration’s missing cogs“، مجلة حصرية، 14 شباط (فبراير).
  43. مبيض بساط (2018) “لماذا يعتبر ضرورياً إصلاح مجلس الخدمة المدنية بالأزمات؟” معهد باسل فليحان المال.
  44. مقابلة مع أسامة صفة، رئيس قسم العدالة الاجتماعية والمشاركة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، المدير العام السابق للمركز اللبناني للدراسات السياسية، 29 آذار (مارس) 2023.
  45. أس. حلبي (2010) “دعم الدولة” مجلة حصرية.
  46. الباروميتر العربي (2019) “الباروميتر العربي: تقرير دولة لبنان” الباروميتر العربي.
  47. يو أس أيد (2019) “مسح عن تصور المواطن اللبناني” الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
  48. راي. أليكس، “محاولات لإنقاذ النظام التعليمي في لبنان قبل فوات الأوان” 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2022، موقع البديل.
  49. شهدا (2016) “آثار العوامل السياسية على دوافع الخدمة العامة: شهادة من الخدمة المدنية اللبنانية”، جريدة العلوم السياسية والشؤون العامة، المجلد 4، العدد 4.
  50. الشباب للحوكمة (2021) “من إدارة الأزمات إلى الإدارة العامة: تصورات موظفي الخدمة المدنية للإدارة العامة“.
  51. راي، أليكس “نقطة الانهيار: انهيار قطاع المياه في لبنان” 28 حزيران (يونيو) 2021، تراينجل.
  52. أي أو أف (2018) “لماذا إصلاح الخدمة المدنية في خيار لا مفر منه في أوقات الأزمات؟” معهد باسل فليحان، وزارة المالية لبنان.
  53. مقابلة مع أسامة صفة، رئيس قسم العدالة الاجتماعية والمشاركة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، المدير العام السابق للمركز اللبناني للدراسات السياسية، 29 آذار (مارس) 2023.
  54. مقابلة مع اقتصادية التنمية واستشارية إصلاح الخدمة المدنية علا سداني، 24 آذار (مارس) 2023.
  55. مقابلة مع أسامة صفة، رئيس قسم العدالة الاجتماعية والمشاركة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، المدير العام السابق للمركز اللبناني للدراسات السياسية، 29 آذار (مارس) 2023.
  56. مكتب التفتيش المركزي، لبنان.
  57. البنك الدولي (2022) “مخطط بونزي في لبنان يتسبب بمعاناة اجتماعية واقتصادية غبر مسبوقة للشعب اللبناني” مجموعة البنك العالمي.
  58. مقابلة مع فيصل مكي، مدير جمعية القضاء في لبنان، 7 آذار (مارس) 2023.
  59. ه. شمايتي (2019) “السياسات الطائفية وتقديم الخدمات العامة: قضية كهرباء لبنان“، أفكار، المجلة الجامعية لدراسات الشرق الأوسط، المجلد 1 رقم 1 (خريف 2019): 33-47، جامعة كينغز في لندن.
  60. ب. سلوخ  (2019) “الطائف والدولة اللبنانية: الاقتصاد السياسي لقطاع عام شديد الطائفية والوطنية والسياسات الإثنية”، DOI:10.1080/13537113.2019.1565177.
  61. ر.سلامة (2022) “الموظفون المدنيون اللبنانيون يغادرون وفوداً، ولن يستبدلوا قريباً“، لوريانت توداي، 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022.
  62. مبادرة سياسات الغد (2022) “مبادرة السياسة- يحابي الإنفاق التقديري في لبنان موظفي القطاع العام” مبادرة سياسات الغد.
  63. 25 عاماً من الالتزام للإصلاح الإداري“، مكتب وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية.
  64. لجنة الحقوقيين الدولية (2022) “لبنان: ضمان استقلال القضاء” ، لجنة الحقوقيين الدولية.
  65. المفكرة القانونية (2022) “المناقشات الرئيسية في الاجتماع العام الأول للجنة البرلمانية: استقلال القضاء هو مسألة عامة تمت مناقشتها أعلاه – وليس أسفل – الطاولة” المفكرة القانونية.
  66. مقابلة مع فيصل مكي، مدير جمعية القضاء في لبنان، 7 آذار (مارس) 2023.
  67. المرجع السابق
  68. ميد (2008) “زياد حايك حول إصلاح قطاع الطاقة في لبنان” ميد ميديا.
  69. أي أو أف (2021) “مذكرة موجزة عن الشركات المملوكة للدولة في لبنان“، معهد باسل فليحان، وزارة المالية لبنان.
  70. مقابلة مع زياد  حايك، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة في لبنان، الثلاثاء، 14 آذار (مارس) 2023.
  71. أي. كوستانيان (2021) “خصخصة الأصول العامة في لبنان: لا حل معجزة للأزمة”، معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية (IFI) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB).
  72. مقابلة مع زياد  حايك، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة في لبنان، الثلاثاء، 14 آذار (مارس) 2023.
  73. أي. كوستانيان (2021) “خصخصة الأصول العامة في لبنان: لا حل معجزة للأزمة”، معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية (IFI) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB).
  74. أي أو أف (2021) “مذكرة موجزة عن الشركات المملوكة للدولة في لبنان“، معهد باسل فليحان، وزارة المالية لبنان.
  75. كيكري نلليز وشيرلي، 1992، “الخصخصة: دروس الخبرة”، الصفحة 2، البنك الدولي ، واشنطن.
  76. أي. كوستانيان (2021) “خصخصة الأصول العامة في لبنان: لا حل معجزة للأزمة”، معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية (IFI) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB).
  77. مقابلة مع زياد  حايك، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة في لبنان، الثلاثاء، 14 آذار (مارس) 2023.
  78. أي أو أف (2021) “مذكرة موجزة عن الشركات المملوكة للدولة في لبنان“، معهد باسل فليحان، وزارة المالية لبنان.
  79. أي. كوستانيان (2021) “خصخصة الأصول العامة في لبنان: لا حل معجزة للأزمة”، معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية (IFI) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB).
  80. مقابلة مع زياد  حايك، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة في لبنان، الثلاثاء، 14 آذار (مارس) 2023.

المواضيع ذات الصلة