صحيح أن النخبة السياسية–المصرفية في لبنان نهبت مليارات الدولارات من المال العام خلال العقد الماضي، وهذه حقيقة باتت معروفة للجميع. لكن ما يبقى أقل وضوحاً هو أين أُخفيت هذه الأموال. يكشف تحليل أجراه “البديل” استناداً إلى سجلات شركات دولية ووثائق مالية أخرى عن جواب محتمل: إذ جرى تحويل قسم كبير من هذه الأموال إلى شركات خارجية أُنشئت في ولايات قضائية تُعنى بالسرية وتفادي الشفافية، وذلك على يد النخب نفسها التي صاغت وأدارت الانهيار المالي الذي شهده لبنان عام 2019.
في عام 2021 كشفت “وثائق باندورا” عن ميل النخب اللبنانية إلى تحويل أموالها إلى الخارج، وأظهرت أن اللبنانيين سجلوا عدداً من الشركات الخارجية يفوق أي جنسية أخرى في العالم، وأكثر من ضعف العدد المسجَّل باسم مواطنين بريطانيين الذين حلّوا في المرتبة الثانية. ويُظهر تحليل “البديل” لسجلات الشركات العامة والخاصة في كل من المملكة المتحدة ومالطا ولوكسمبورغ توقيتاً مريباً لتأسيس هذه الشركات، إذ ارتفع عدد الشركات المسجَّلة باسم لبنانيين في الخارج بعد عام 2015، ثم شهد قفزة حادة بالتزامن مع أزمة عام 2019.