يتجلّى عدم المساواة في لبنان بشكل أوضح خلال الصيف الحارق، حين يظل الأغنياء في برودة الغرف المكيفة، بينما يترك الفقراء للتعرّق الشديد على مدار أشهر الصيف المنهكة.
والفرق يكمن في ما إذا كان المواطن يعتمد على شركة الكهرباء العامة (المأزومة) أي مؤسسة كهرباء لبنان، والتي لا توفّر اليوم أكثر من أربع ساعات من الكهرباء يومياً كحد أقصى، حسب الموقع الجغرافي.
تفاقم انقطاع التيار الكهربائي في لبنان، وهو مصيبة المصائب لمعظم الأسر في حياتهم اليومية، بعد الأزمة الانهيار الاقتصادي 2019، و كل سنة يزداد سوءاً خلال الأشهر الأكثر حرارة بسبب الاستخدام السائد لمكيفات الهواء.
ومنذ سنوات تعمل المولّدات الخاصة على سدّ هذه الفجوة، وهي توفّر الآن إمكانية الوصول إلى الكهرباء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع – لمن يستطيع تحمل تكاليفها.
فمقابل مبلغ خيالي قدره 320 دولار شهرياً، أو ما يقرب من 4000 دولار سنوياً، يمكن للأسر في وسط بيروت الوصول إلى خدمة كهرباء تكفي لتشغيل وحدتي تكييف في نفس الوقت، ليلاً ونهاراً.
لبنان يستعد لصيف آخر بلا كهرباء
تعود جذور أزمة الكهرباء في البلاد إلى فترة ما بعد الحرب الأهلية، حين قررت مؤسسة كهرباء لبنان الاستمرار في اعتمادها على محطات حرارية باهظة التكلفة تعمل بالوقود لإنتاج الطاقة.
وكما حددت الشركة الرسوم في التسعينيات ولم ترفعها حتى عام 2023، مما سمح للتضخم بالتآكل من قيمتها. وأدى التراخي في تحصيل الفواتير، وعدم الدفع المنهجي من قبل المواطنين، وسرقة الكهرباء إلى مزيد من تسرب الإيرادات على المدى الطويل.
بالتالي وعلى مدى ثلاثة عقود تقريباً، لم تقترب مؤسسة كهرباء لبنان من استرداد تكاليفها، مما أوقعها في دوامة نقص الاستثمار وضعف الإمداد.