من المؤكد أن السلوك السيئ، كما الحسن، له مكافآته. أو ربما فقط إن كان سلوك النخبة السياسية في لبنان، والتي ضمنت لنفسها الأسبوع الماضي مليار يورو من المساعدات المالية من الاتحاد الأوروبي.
ففي 2 أيار أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس عن حزمة المساعدة لمدة ثلاث سنوات في مؤتمر صحفي مشترك في بيروت مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي.
وصاغت بروكسل هذه المساعدات كالتزام بدعم اللاجئين السوريين و”الفئات الضعيفة الأخرى” في لبنان، كما لمحاولة الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا من خلال تعزيز لقوات أمن الحدود اللبنانية.
أما بالنسبة للطبقة السياسية الكليبتوقراطية في لبنان، كان مفاد الرسالة من هذه المساعدات أن أوروبا لن تحملّكم المسؤولية عن دفع البلاد إلى الحضيض بإساءتكم للسلطة، بل إنها سوف ترضخ إذا استخدمتم الضغوطات الصحيحة.
علينا التذكر أن هذه الطبقة السياسية التي قادت البلاد إلى انهيار مالي مدمّر منذ خمس سنوات لا تزال مصرّة على المماطلة في الإصلاحات اللازمة لبدء التعافي الاقتصادي في البلاد، أي أنهم يمهّدون الطريق للانزلاق إلى الهاوية.
فهي الطبقة السياسية ذاتها التي أدى تهورها المتعمّد (على أقل تقدير) إلى انفجار مرفأ بيروت الكارثيّ عام 2020 والتي بذلت شتى الجهود لعرقلة أي تحقيقات لتحديد المسؤولية عن المأساة المروّعة.
ثم بالإضافة إلى كل تلك الضغوطات، يوجد اليوم أيضاً ما يقرب من 100 ألف من اللبنانيين نازحون داخلياً بسبب الحرب بين إسرائيل وحزب الله على الحدود الجنوبية للبنان. وفي هذه الأثناء تشتعل التوترات الاجتماعية أيضاً بشأن ما يقرب من 1.5 مليون لاجئ سوري في البلاد ــ وهو أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالمقارنة مع تعداد سكان المجتمع المضيف.
أثبت اللاجئون السوريون فائدتهم للقيادة السياسية في لبنان، على الصعيدين المحلّي والدولي. فإن كبار المسؤولين من مختلف الأطياف السياسية يستخدمون السوريين ككبش محرقة كي يتفادوا اللوم عن دورهم في التسبب بانهيار لبنان، ولهذا الغرض تجرى من وقت إلى الآخر حملات أمنية واسعة النطاق وانتهاكات لحقوق اللاجئين السوريين.
كما استغلت الطبقة السياسية وجود اللاجئين لابتزاز المجتمع الدولي لأجل التمويل، حيث بلغت مساعدات الاتحاد الأوروبي وحدها 3 مليارات يورو منذ عام 2011.