بدأ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) باعتقال لبنانيين وفلسطينيين حاولوا الهجرة من شواطئ الشمال اللبناني، ويتبع هذا القمع بقيادة الجيش اللبناني أسوأ مأساة غرق قارب مهاجرين في التاريخ المعاصر، بعدما انقلب قارب انطلق من لبنان قرب الساحل السوري في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأودى غرق القارب بحياة أكثر من مائة شخص. توضح هذه الأحداث نمطًا متناميًا من الهجرة والنزوح معظمهم من اللبنانيين الذين يحاولون الهرب من بلدهم على متن قارب.
عادة ما تتجلى محاولات النخبة السياسية لتجنّب الحديث عن الواقع الاقتصادي كمسبب أساسي للهجرة غير الشرعية عبر اتباع خطاب سياسي يلوم اللاجئين السوريين على الأزمة الحالية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، زعم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) أن اللاجئين السوريين “أكبر من طاقة لبنان على التحمّل”. ويترافق هذا التصريح مع خطة وزارة المهجرين التي ترمي لإعادة 15 ألف لاجئ سوري شهريًا، عاد منهم ما يقارب ألف شخص إلى سوريا في أول قافلتين. كما أبرمت اتفاقية إعادة القبول الثنائية التي لم تحظ بكثير من الشهرة مع قبرص، وجددت عام 2020 بهدف الإعادة القسرية للمهاجرين الذي يصلون عبر البحر من لبنان إلى قبرص.
وقالت المتحدثة باسم منظمة “ألارم فون” (Alarm Phone) كورينا زيتز، وهي منظمة لديها خط ساخن للاجئين الذي يواجهون صعوبة أثناء عبورهم البحر المتوسط، حول ذلك: “ستحاول الدولة اللبنانية… إيجاد شخص مسؤول مثلما حصل مع قضية غرق المركب في أبريل [نيسان]”.
قال الناجون من القارب الغارق في أبريل (نيسان) الماضي في طرابلس إن اصطدام القوات البحرية التابعة للجيش اللبناني كان المسؤول الأول عن المأساة التي أودت بحياة 40 شخصًا، وردّت السلطات اللبنانية مسرعة باعتقال قوات الأمن الداخلي للمشتبهين بقضية التهريب، ومنذ الاعتقالات، نظم المهربون رحلات هجرة عبر قوارب مكتظة بإهمال متجاهلين متطلبات السلامة، بينما رفع أهالي ضحايا المركب الغارق في أبريل (نيسان) دعوة لم تحظَ بشهرة واسعة، بعدما ألقى الجيش اللبناني القبض على الناجين المفقودين.
لكن هذه التكتيكات لاتفاجئ أحدًا، ووفقًا لمدير المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر “يحمل خطاب اليمين المتطرف المسؤولية للضحية وليس للمرتكب”، إذ إن معظم اللبنانيين يعتبرون أن سوء إدارة الحكومة لعقود والفساد المنظّم قد أدى إلى الأزمة الحالية التي تجبر السكان على الهرب.