الحضيض: حتمية الإصلاحات الضريبية في لبنان

ليس بوسع هياكل الدخل الحكومي الجائرة الاستمرار بعد الآن في إثقال كاهل الفقراء ومنح الإعفاءات لمن لديهم القدرة على دفع ضرائبهم.
أليكس راي

23 كانون الأول، 2022

ملخص تنفيذي

برأي معظم الناس، ثمة أمران حتميان في الحياة: الموت والضرائب، لكن الأثرياء في لبنان لا يجدون مبرراً للقلق فعلياً سوى من الأول. حيث تؤدي الهيكلية الضعيفة جداً للضرائب والإيرادات الحكومية إلى وقوع العبء الضريبي أساساً على عاتق الفئات المتوسطة والدنيا، أما الأثرياء فأمامهم خيارات متعددة للتهرّب الضريبي.

تحقيق إيرادات عبر جباية الضرائب هو ركيزة أساسية للعقد الاجتماعي للدولة، وليس من قبيل الصدفة أن يكون عقد لبنان قائماً على إعفاء الأثرياء منها، وعلى سوء تنفيذ العقد على بقية المواطنين.

يصب النظام الضريبي في لبنان لصالح مداخيل قومية تُعد من أكثر الدخول تفاوتاً في العالم، حيث يجني أغنى 1 في المائة من الأفراد قرابة 25 في المائة من إجمالي الدخل القومي[1]. ومن الضروري تغيير ذلك، ليس لاعتبارات أخلاقية فقط، لكن لدواعٍ اقتصادية أيضاً. حيث يعيش أكثر من 80 في المائة من السكان الآن في عوز، ولا يتوفر المزيد مما يمكن تحصيله من الفئات الوسطى والدنيا. وفي الوقت نفسه يهدر النظام الضريبي المهترئ وغير المتكافئ فرصاً هائلة لتحصيل إيرادات من الأثرياء، ممن لا يزالون من القلة القادرة على دفع الضرائب.

بالطبع، لا يرى تحالف الصفوة بين رجال الأعمال والسياسيين أي حافز لتغيير هذا النظام، ولكن لكي تقف البلاد على قدميها، لابد من تحصيل الضرائب من أولئك القادرين على دفعها. ولهذا الأمر أهمية حاسمة ليس فقط لصالح السلامة المالية للبلد، بل أيضاً لإعادة بناء العقد الاجتماعي اللبناني، في وقت يتعرض فيه ارتباط المواطن بالدولة لخطر الانحلال التام.

جمع مركز “تراينجل” للأبحاث بيانات لتحليل توجهات الهيكل الضريبي والإيرادات في لبنان، وهي ترسم مساراً لعودة لبنان إلى تحصيل إيرادات منصفة تصل إلى 20 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي. وتركز التدابير على تناول الأمور قريبة المنال المتمثلة في زيادة كفاءة تحصيل الضرائب، والحد من التهرّب الضريبي المتزايد من جانب الأفراد والشركات، وإعادة هيكلة الضرائب الرئيسية مثل ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الدخل لتكون أكثر تصاعدية، وتتماشى مع معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وفي الوقت نفسه، ينبغي تصميم الحوافز الضريبية لتلائم ظروف القطاع الخاص في لبنان، الذي تغلب عليه المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر، فضلاً عن نسبة كبيرة من القوى العاملة غير المنظمة.

لقد تفكك بالفعل نظام “ادفع قليلاً، واحصل على القليل”. ومع ذلك، تعمل المنظومة السياسية حتى الآن على بناء نظام جديد لا تزال فيه الضرائب التنازلية غير المباشرة المقترنة بضعف التنفيذ تشكل الجزء الأكبر من إيرادات الدولة.  فإصلاح نظام السرية المصرفية الفاسد، والدولار الجمركي، والعتبات الجديدة لضريبة الدخل ليست سوى آخر التدابير في هذا المضمار هدفها تحسين الإيرادات دون تحقيق اصلاح حقيقي. وبالنسبة لأولئك الذين يلتمسون إصلاحاً حقيقياً واستبدال المؤسسة نفسها، لم يعد الإصلاح الضريبي قضية هامشية يمكن تجاهلها بسبب تصور خاطئ عن طبيعتها التخصصية. وهي ليست بهذا التعقيد، بل ربما تكون الضريبة أبسط أشكال التفاهم الاجتماعي، ومن الضروري أن تصبح السبيل الرئيسي لخروج لبنان من مأزقه. فإذا ترتب على ذلك أن يدفع جميع اللبنانيين أكثر بقليل مقابل خدمات أفضل، بينما يتحمل الذين لديهم معظم الثروات العبء الأكبر، فأين المشكلة؟

فقر متعمّد

لم تشكل الإيرادات الضريبية إلا 15 – 16 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي في لبنان قبل عام 2019، وذلك أقل من بلدان أفقر مثل المغرب وتونس[2]. وقد تميز هيكل تحصيل الضرائب طوال عقود (من بين أمور عدة) بمعدلات ضريبة منخفضة جداً على الشريحة العليا من الدخل، وهو 25 في المائة (لم يبلغه إلا في عام 2019) وبنظام تحصيل ضعيف، وقوانين سرية مصرفية تحمي التهرّب الضريبي، واعتماد مفرط على الضرائب التنازلية غير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة، التي تؤثر على الفقراء أكثر من الأغنياء.

نسبة الضرائب غير المباشرة في لبنان أعلى بكثير منها في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والإيرادات المحصلة من الضرائب التصاعدية منخفضة جداً ونسبتها 11 في المائة، وانخفاض ضرائب الدخل وضرائب الشركات تجعل لبنان يحصل من الضرائب التصاعدية أقل بمرتين إلى ثلاث مرات من متوسط التحصيل في أفريقيا مثلاً[3].

إن وجود بلد منخفض الدخل يعني، عملياً، أن تفتقر الدولة (أو تختار الافتقار) إلى الموارد الكافية لتمويل الخدمات الاجتماعية الضرورية، وبدلاً من ذلك تترك هذه المجالات للقطاع الخاص فتتحول إلى فرص للربح. وهو ما يؤول غالباً في لبنان إلى مقدمي خدمات غير منظمين مع حماية سياسية، منها على سبيل المثال لا الحصر، مافيا المولدات سيئة السمعة التي تزود معظم البلاد بالكهرباء الضرورية. يؤدي التطرف في العقد الاجتماعي في لبنان (ادفع قليلاً، واحصل على القليل) إلى جعل الفئات المتوسطة ومنخفضة الدخل تدفع نسبة أعلى من دخلها للحصول على الخدمات العامة من مقدميها غير المنظمين وغير الخاضعين للضرائب والمرتبطين سياسياً، سواء كان رسمياً كما في التعليم، أو بحكم ضعف الأداء كما في الكهرباء. كما أن ضعف توفير الخدمات العامة، بحكم تصميمها، يدفع الفئات الفقيرة إلى الاعتماد على المحسوبيات السياسية للحصول على الخدمات بأسعار معقولة[4].

تحصيل إيرادات متواضعة أمر سيء بحد ذاته، ومع ذلك فإن الدولة في لبنان تنفق باستمرار ما يتجاوز إمكانياتها. إن لعبة العصا والجزرة التي تمارسها الطبقة السياسية للحصول على الدعم الشعبي تعني أيضاً أن موارد الدولة مثل التوظيف في الخدمة المدنية أصبحت شكلاً شائعاً من أشكال مصادر منح المحسوبيات. وعلى سبيل المثال لا الحصر، شهد لبنان تضخماً في عدد المعلمين أدى إلى انخفاض شديد في نسبة الطلاب إلى المعلمين لتصل إلى معلم واحد لكل 12 طالب في عام 2017[5]، رغم استمرار الحصول على نتائج تعليمية أضعف من المتوسط[6].

أدت الرواتب وغيرها من قنوات الاستنزاف المديدة في نفقات الدولة مثل الإعانات لشركة كهرباء لبنان إلى ازدياد النفقات باستمرار عن الإيرادات. وبدلاً من تحصيل مبالغ كافية من الضرائب لتغطية هذه النفقات، اختارت الدولة المراهنة على استمرار تدفق العملات الأجنبية إلى خزائن البنوك، إلى جانب الاقتراض من البنوك ومن مصرف لبنان. وبسبب هذه السياسة أصبح لبنان أحد أعلى بلدان العالم في نسبة الدين إلى الإنتاج المحلي الإجمالي قبل عام 2019، وكان ذلك عاملاً رئيسياً في الانهيار المالي في عام 2019[7].

موازنات ضعيفة وتزداد ضعفاً

هبطت قيمة الليرة اللبنانية بنسبة تزيد عن 90 في المائة منذ عام 2019، مما يعني أن قيمة إيرادات الدولة قد هوت أيضاً. وتظهر حسابات “تراينجل” أنه بعد احتساب التضخم، انخفض إجمالي إيرادات الضرائب بنسبة 86 في المائة، مما جعل إيرادات الدولة ضئيلة لا تتجاوز 6 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي. وفرض هذا تحدياً أشد صعوبة أمام محاولة الحكومة التعافي من الأزمة المالية الحالية، فطباعة الليرة لتغطية عجز الحكومة في النظام المصرفي و”تليير” الودائع بالدولار لم تفضِ حتى الآن إلا إلى تضخم سريع وتدهور في قيمة المدخرات[8].

الإطار الأول: قراءة في موازنة 2022

تشير موازنة عام 2022 إلى أن الحكومة تدرك على الأقل ضرورة تحصيل المزيد من الإيرادات. لكن الدولة تعتزم فعل ذلك بواسطة الهيكل الضريبي نفسه المعتمد على فرض ضرائب غير مباشرة (تنازلية) على السكان المعوزين الذين لا يستطيعون سدادها، ومن التدابير الجديدة:

  • إخضاع الرواتب بالعملات الأجنبية لضريبة بأسعار صرف متعددة. فالرواتب المقبوضة بالدولار الجديد عن طريق حوالات مصرفية تُحسب بسعر صرف ثمانية آلاف ليرة لبنانية، بينما تحسب الرواتب المدفوعة نقداً بسعر منصة صيرفة.
  • زيادة الرسوم الجمركية بنسبة ثلاثة في المائة في ضريبة القيمة المضافة (على بنود مختارة تحددها وزارة المالية).
  • ضريبة إضافية بنسبة 10 في المائة على السلع المستوردة التي يوفرها الإنتاج المحلي.
  • تحصيل الرسوم والضرائب الأخرى بسعر منصة صيرفة.
  • زيادة تتراوح من ضعفين إلى 10 أضعاف في رسوم الوثائق الرسمية ورسوم الطوابع ورسوم وزارة العمل.
  • زيادة معدلات الرسوم المتعلقة بالأراضي والممتلكات والأسهم الخاضعة للرسوم.
  • دفع الضرائب بالدولار الجديد على أرباح وفوائد رأس المال، الأجنبي والمحلي، وكذلك رسوم الموانئ التجارية، والرسوم القنصلية، ورسوم مطار الركاب.
  • تخفيض ضريبي بنسبة 50 في المائة على أرباح التصدير للصناعة إذا تم إيداع الأرباح في المصارف اللبنانية لاستثمارها محلياً، أو استخدمت لغرض النشاط الصناعي في لبنان.
  • منح الشركات الناشئة التي تأسست أو قيد التأسيس قبل أكتوبر (تشرين الأول) لعام 2027 إعفاء كاملاً من ضريبة الدخل لمدة خمس سنوات، بشرط أن يكون 80 في المائة على الأقل من موظفيها لبنانيين.
  • إعفاء كامل من ضريبة الدخل لمدة سبع سنوات للشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية المنشأة بين 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 و31 ديسمبر (كانون الأول) 2024، والتي تمارس أنشطتها الرئيسية في مناطق معينة (يحددها مجلس الوزراء). وتستفيد هذه الشركات أيضاً من حسم ضريبي بنسبة 50 في المائة على رسوم تسجيل المركبات ورسوم البناء في الفترة نفسها. ويجب أن يكون لدى هذه الشركات استثمار أجنبي لا يقل عن مليون دولار، وأن توظف ما لا يقل عن 50 عاملاً لبنانياً يشكلون 60 في المائة من قوتها العاملة.
  • إعفاء من ضريبة الدخل للأشخاص الذين أصيبوا بإعاقة دائمة نتيجة انفجار 4 أغسطس (آب) 2022.
  • زيادة الرسوم على نقل الملكية والضرائب على العقارات السكنية الحالية.

يبدو من النظرة الأولى أن تدابير موازنة 2022 لتحفيز الصناعة المحلية والاستثمار الأجنبي في الشركات والشركات الناشئة تهدف إلى تشجيع الاستثمار والنشاط الصناعي والتجاري. بيد أن اشتراط إعفاء الأرباح من الضرائب بتنفيذ استثمارات قيمتها مليون دولار، وتوظيف أكثر من 50 شخصاً يستثني معظم الشركات اللبنانية. إذ إنه لدى سبعة في المائة فقط من الشركات اللبنانية أكثر من 50 موظفاً بدوام كامل[9]. إضافة إلى ذلك، وبسبب تركيبة القوى العاملة التي أغلبها عمال ذوو مؤهلات أكاديمية معينة وتفتقر إلى ذوي المؤهلات العالية، من المرجح أن تكون نسبة كبيرة من عمال أي شركة صناعية من الأجانب. وهذا يعني أن الشركات الكبرى الجديدة، القادرة على دفع الضرائب، لن تدفع الآن أي ضرائب في لبنان لمدة تصل إلى سبع سنوات بعد إطلاقها.

زعمت حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي أن زيادة رسوم الطوابع وفرض بعض الرسوم بالدولار (انظر الإطار 1) ستزيد الإيرادات بنحو ستة إلى سبعة تريليون ليرة لبنانية، وسيخصص جزء كبير من هذا المبلغ لصرف “مكافآت” لموظفي الحكومة (للمحسوبيات غالباً) تبلغ ضعفين أو ثلاثة أضعاف رواتبهم الحالية. لكن هذه التغييرات بالإضافة إلى كونها جميعاً ضرائب تنازلية، يُتوقع أن تزيد تكاليف المعيشة وتفاقم التضخم واللامساواة[10]،[11]. بالإضافة إلى أنه بسبب تغطية العجز المتوقع في الموازنة البالغ 11 تريليون ليرة عن طريق طباعة الليرة من قبل مصرف لبنان، فإن التضخم سيقلل بسرعة من قيمة أي زيادة في الإيرادات ومزايا مكافآت الرواتب لموظفي الخدمة المدنية[12].

إيرادات يتعذر تقويمها

رغم أن القيمة الاسمية للضرائب المحصلة في عام 2021 أعلى بثلاثة مليارات ليرة لبنانية عن عام 2018 (سنة الأساس لهذا التحليل)، فإن الانخفاض السريع لقيمة الليرة منذ عام 2019 يعني أن القيمة الحقيقية لتلك الضرائب انخفضت بنسبة هائلة بلغت 86 في المائة. ويوضح (الشكل رقم 1) التباين في الانخفاض بحسب نوع الضريبة، حيث يتراوح من 56 في المائة إلى 95 في المائة في جميع الفئات الرئيسية. وهذا يعني أنه بينما جرى جباية ضرائب بمبلغ 15.2 تريليون ليرة (10.1 مليار دولار بسعر 1.500 ليرة مقابل الدولار الواحد)، فإن القيمة الفعلية لهذه الإيرادات لم تتجاوز 1.7 تريليون ليرة لبنانية (1.13 مليار دولار بسعر 1.500 ليرة مقابل الدولار الواحد) بحلول نهاية عام 2021، أي نحو ستة في المائة فقط من الإنتاج المحلي الإجمالي للبنان في ذلك العام.

وبما أن هيكل جباية الضرائب لم يتغير كثيراً منذ عام 2019، فإن معظم الضرائب لا تزال تُجبى بوسائل تنازلية غير مباشرة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد بلغت إيرادات الدولة بالقيمة الحقيقية 745 مليار ليرة من ضريبة القيمة المضافة والجمارك مقابل 352 مليار فقط من الضرائب على الأرباح والأجور والرواتب في عام 2021 وهذا الاتجاه متماثل في جميع السنوات، حيث بلغت قيمة ضريبة القيمة المضافة والجمارك معاً (5.864 مليار ليرة) في عام 2018، وهي تقارب ضعف قيمتها من الأجور والرواتب والأرباح مجتمعة (2.227 مليار ليرة). وعلى سبيل المثال لا الحصر، شكلت في تونس ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل حصتين أكثر توازناً من الإيرادات الضريبية بنسبة 31 في يالمائة و26 في المائة على التوالي، بينما شكلت ضريبة الدخل في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مجتمعة 32 في المائة من الإيرادات وضريبة القيمة المضافة 27 في المائة[13].

كانت إيرادات الدولة البالغة 12.7 تريليون ليرة في عام 2018  لا تساوي أيضاً سوى 15 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي في ذلك العام، مما يعني أنه لكي يعيد لبنان البناء إلى هذا المستوى، ويصل تحصيل الإيرادات لاحقاً إلى 20 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي، يحتاج النظام الضريبي إلى أكثر من العودة إلى مستويات قبل عام 2019، بل يحتاج إلى إصلاح شامل. أما استعادة نسبة 14 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي التي سُجلت في عام 2018 (وتعادل 7.6 مليار دولار[14]) فيقتضى أن يأتي معظمها من ضرائب الأغنياء وتقليص الإنفاق الحكومي.

الإطار الثاني: موازنة موضع جدل

في خطوة مربكة غير معلنة، وبمجرد دخول الموازنة حيز التنفيذ، أصدرت وزارة المالية في نوفمبر (تشرين الثاني) لعام 2022، ثمانية تعاميم توجه تنفيذ تدابير الموازنة الجديدة. وتلقي هذه التعاميم بظلال من الشك على حسابات الحكومة بشأن الموازنة. حيث تضمنت تدابير مختلفة بينها القيام بعدد من عمليات إعادة الحساب بأثر رجعي لضريبة القيمة المضافة وضرائب الرواتب لعام 2022، مفروضة بأسعار صرف متعددة. هذه القرارات هي تصعيد إضافي لجهود الحكومة لإجبار القطاع الخاص والأفراد على دفع معدلات ضرائب أعلى بكثير لزيادة إيرادات الحكومة، بدلاً من معالجة الخسائر في القطاع المصرفي. وتتضمن التعميمات أيضاً حكماً استثنائياً يسمح للبنوك والجهات الأخرى بإعادة تقييم أصولها، مما يشكل خطراً كبيراً بأن تستغل البنوك ذلك لزيادة التعتيم على الخسائر في ميزانياتها العمومية. من المرجح أن يخضع قانون الموازنة نفسه وكذلك التعاميم للاستئناف القضائي، مما يعني أن الوضوح النهائي لحيثيات الموازنة لن يتحقق في عام 2022.

إصلاح جذري شامل

عوضاً عن التدابير التضخمية والمجزأة المطروحة في موازنة عام 2022، يجب على لبنان البدء في إصلاح نظامه الضريبي عبر تحصيل الإيرادات قريبة المنال أولاً.

تتمثل الخطوة الأولى بخلق توازن أفضل بين الضرائب التصاعدية والضرائب التنازلية، لأنه أحد المجالات القليلة التي يمكن فيها فرض ضرائب إضافية على المواطنين الأثرياء. فقد هيمنت الضرائب التنازلية (78.6 في المائة) على إيرادات الضرائب في لبنان منذ عام 2018، وتشكلت تلك أساساً من ضريبة القيمة المضافة (30 في المائة) والجمارك (15.8 في المائة) والضريبة على الفائدة (14.1 في المائة)، وكانت ضريبة دخل الفرد هي الوحيدة بين التدابير التصاعدية الحقيقية. ومع ذلك، فُرضت عليها بمعدل منخفض (20 في المائة لأعلى شريحة في عام 2018)، وشكلت 21.1 في المائة فقط من الإيرادات الضريبية[15]. وتفرض أغلب بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ضرائب على دخل الفرد لا تقل عن 30 في المائة لأعلى شريحة، وتصل في بلدان كاليابان والنمسا وفرنسا إلى 55 في المائة[16].

حُدد دخل الشريحة الضريبية العليا بمبلغ 675 مليون ليرة لبنانية لعام 2022. وبما أن سعر الدولار يبلغ 40 ألف ليرة، وفقاً لسعر الصرف لعام 2022 ، فإن هذا السقف يبعث على السخرية، لأنه يعني أن كل من يزيد دخله عن 16.875دولاراً في السنة سيدفع الضرائب المترتبة على الشريحة العليا، بينما كان هذا السقف سابقاً 150ألف دولار. ويُظهر ذلك وجود متسع لشريحة إضافية لمن يزيد دخلهم عن 65 ألف فدولار سنوياً بنسبة 35 في المائة كحد أدنى. وبالمقارنة مع شرائح الدخل الخاضع للضرائب في فرنسا والمملكة المتحدة تبيّن أيضاً كيف تلقي الهياكل الضريبية في تلك البلدان عبئاً ضريبياً أكبر على أصحاب الدخل المرتفع.

يعد رفع ضرائب الدخل على الأثرياء أحد الخيارات القليلة المتبقية في لبنان لإعادة الموارد المالية للدولة إلى مستويات مستدامة. فتضاؤل رواتب غالبية السكان لم يسفر فقط عن عجزهم عن دفع مزيد من الضرائب، بل إن تراجع القوة الشرائية يعني أن الدولة ستكسب أقل من ضرائب القيمة المضافة والرسوم الجمركية التنازلية، ومن هنا جاءت محاولة موازنة 2022 لزيادة الإيرادات في هذه المجالات. تُقدر الخسائر في ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية وحدهما بنحو ثلاثة في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي سنوياً[17].

من التدابير البسيطة الأخرى لتحقيق زيادة كبيرة في الإيرادات إصلاح نظام تحصيل الضرائب، فالأسلوب الحالي غير فعّال (تبلغ خسائر تحصيل الضرائب عند النقاط الحدودية وحدها ثلاثة إلى أربعة في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي)، وهو مليء بالثغرات التي تمكن الأثرياء من التهرّب الضريبي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد فرض ضرائب على أنواع مختلفة من الدخول بمعدلات مختلفة يسمح لذوي مصادر الدخل المتعددة بتجنّب تصنيفهم في شرائح ضريبية أعلى، وتطبيق معدلات مختلفة على الدخول يصب في صالح الأغنياء عموماً. وعلى سبيل المثال، فإن تأجير العقارات ودخول رأس المال، والفوائد وأرباح الأسهم تخضع للضريبة بمعدلات أقل من دخل الرواتب، وهناك أيضاً ثغرات تسمح بالتهرّب من الضرائب على زيادة رأس مال الممتلكات عن طريق إخفاء الملكية[18].

إضافة لما سبق، كانت السرية المصرفية تاريخياً وسيلة أساسية لتهرّب الأثرياء من دفع الضرائب، حيث قُدرت خسارة الحكومة من الضرائب غير المحصلة بنحو خمسة مليارات دولار (49 في المائة من الإيرادات السنوية) بسبب التهرب الضريبي المحلي في عام 2015[19]،[20]. إن التعديلات الأخيرة على قانون السرية المصرفية – التي لا تزال بحاجة إلى مزيد من الإصلاح لتغدو فعالة، لا سيما تطبيقها بأثر رجعي – تدلل على إمكانية واضحة لوصول السلطات الضريبية إلى المعلومات المصرفية وكشف التهرّب الضريبي والاحتيال بطريقة أفضل، إذا مُنحت الصلاحيات اللازمة[21].

يتزايد التفاوت في الثروات عالمياً، وصار مفهوم الضريبة على ثروة كبار الأثرياء هو السائد لدى واضعي السياسات الاقتصادية[22]. ويسجل لبنان أعلى مستويات التفاوت في العالم، فهناك ستة مليارديرات في بلد بلغ عدد سكانه خمسة ملايين فقط في عام 2020[23]، وفرض ضريبة على الثروات الفاحشة، ولو لمرة واحدة، سيساهم مساهمة كبيرة في تحصيل إيرادات مهمة، خاصة إذا وسِّعت لتشمل الذين استفادوا استفادة هائلة من التلاعب المالي الذي ساهم بحدوث الأزمة المالية.

من التطورات الأخرى الباعثة على القلق، تحول لبنان المتزايد نحو الاقتصاد غير المنظم والقائم على التعامل النقدي بسبب انهيار الثقة بالبنوك وتحكمها غير القانوني برأس المال. حيث استأثر الاقتصاد غير المنظم قبل عام 2019 بنسبة 50 في المائة على الأقل من قوة العمل، بالإضافة إلى نسبة 36.4 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي[24]. ومنذ ذلك الحين، أدت طباعة مصرف لبنان المتهورة للنقود والبنية التحتية البالية أصلاً للتحويلات الرقمية في لبنان إلى زيادة النقد المتداول، ودفع الاقتصاد أكثر فأكثر إلى نشاط غير منظم لا يمكن تعقبه. فقد ازدادت السيولة النقدية المتداولة في لبنان ما بين أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وسبتمبر (أيلول) 2022 من 7.305 مليار ليرة إلى 58.943 مليار ليرة بسبب انخفاض قيمة العملة مقابل الدولار[25].

أما أحكام العمل التي يمكن الاستفادة منها في جعل الأعمال منظمة مثل أحكام الحد الأدنى للأجور والبدلات  فهي موجودة لموازنة الآثار المتفاقمة لعدم المساواة للشركات التي تسعى إلى زيادة الأرباح عبر استغلال العمال، والتهرّب من مساهمتها في العقد الاجتماعي. كما أن تنظيم القوى العاملة يعزز مصداقية الاتفاقيات بين الشركات والأفراد، ويوفر أطراً قانونية واضحة للاستثمار، ويزيد عدد العاملين الدافعين للضرائب، وغيرها من التأثيرات اللاحقة[26].

الإطار الثالث: النفقات

قدرة لبنان على استئناف النمو الاقتصادي محدودة لأن الحكومة لا تستطيع الاستمرار في الإنفاق بالمعدلات السابقة، ويجب أن تركز في المديين القصير والمتوسط على خفض عجزها الأساسي (أي العجز بدون مدفوعات الفائدة على القروض) باللجوء إلى خفض الإنفاق. وهذا النوع من “التقشف” في الموازنة يتضمن في بلدان عديدة أخرى خفض الإنفاق على الإعانات والخدمات الاجتماعية، مما يؤثر على الفقراء أكثر من غيرهم. لكن حقلي النفقات الأكبر والأكثر عجزاً في لبنان (بعد استثناء مدفوعات الفائدة) هما الموظفون والتحويلات، وتتشكل الأخيرة أساساً من إعانات إلى مؤسسة كهرباء لبنان تتراوح بين 1 و2 مليار دولار سنوياً تبعاً لسعر النفط.

أما فاتورة رواتب موظفي الحكومة، فقد تضخمت لتصل إلى 19 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي وفقاً لبعض التقديرات[27]، أي أكثر مما يمكن أن تغطيه إيرادات الضرائب مجتمعة، والسبب هو عدم كفاءة التوظيف في المؤسسات العامة، بما فيها التوظيف على أساس المحسوبيات السياسية. وتُظهر دراسات مستقلة لإدارة الخدمة العامة وكفاءتها أنه يمكن الاستغناء عن عشرات آلاف الوظائف الحكومية دون أي تبعات[28]، كما يمكن لمعالجة العجوزات الكبيرة هذه (وغيرها) في الإنفاق الحكومي أن تقطع شوطاً طويلاً في إعادة توازن نفقات الدولة عندما تترافق مع فرض ضرائب على الأثرياء.

توصيات

رفع معدل ضريبة الشريحة الأعلى: ضمن الشريحة العليا الحالية (675 مليون ليرة لبنانية أو 16,875 دولار)، هناك إمكانية لإدراج معدل ضريبة لشريحة عليا جديدة بنسبة 35 في المائة لأصحاب الدخل الذي يزيد عن 65 ألف دولار. كما يجب رفع عتبات الليرة الحالية للتخفيف من أعباء أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة، لأن قدرتهم الشرائية مطلوبة لزيادة الاستهلاك المحلي، وبالتالي تعزيز النشاط الاقتصادي.

تبسيط تحصيل الضرائب: إن تحصيل الضرائب المنظم جيداً يؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية على الفور بنحو 50 في المائة (68 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي)[29]. ويجب أن يصبح تحصيل الضرائب موحداً، ويمكن تتبعه لدى جميع المواطنين اللبنانيين والمقيمين، ويمكن تحقيق ذلك أولاً عن طريق ربط رقم ضريبي موحد بالهوية الوطنية للفرد. كما يجب تطبيق عملية تصريح شاملة مبسطة على جميع المكلفين للدخل المكتسب محلياً، والدخل المكتسب من الخارج. ويتطلب ذلك نظاماً لحساب معدّل موحد لضريبة الدخل يحل محل الضرائب الحالية المتعددة على فئات الدخل المختلفة. وكحد أدنى، ينبغي أن تكون الضرائب على صيغ الدخل المتنوعة متكافئة، وذلك لردع محاولات تحقيق المكاسب.

تبيّن موازنة 2022 وتعميماتها أيضاً أن الحكومة اللبنانية تبذل حتى الآن قصارى جهدها لجعل تفسير النظام الضريبي أكثر صعوبة، مع أن إزالة الغموض في نصوص كهذه يساعد في تيسير الامتثال للضريبة، وفي تخفيض التكاليف الإدارية، والحد من التهرّب الضريبي عبر تفسيرات اجتهادية. ويزيد ذلك أيضاً ثقة عموم السكان وتقبلهم لفكرة عقد اجتماعي ديمقراطي أقوى.

إصلاح ضريبة القيمة المضافة: يعد فرض الحكومة ضرائب إضافية على السلع المستوردة التي لها بديل محلي مناسب بداية جيدة في إصلاح رسوم الاستيراد وضريبة القيمة المضافة، لكن يمكنها المضي أبعد من ذلك بكثير، إذ إنه يمكن أيضاً جعل ضريبة القيمة المضافة تصاعدية، ويجب زيادة أسعار المواد التي تعد غير ضرورية أو رفاهية، كما ينبغي منح إعفاءات استراتيجية لتحفيز الصناعات الرئيسية إذ سيبقى لبنان معتمداً على الاستيراد على المدى القصير.

إصلاح الحوافز الضريبية للشركات: لا تنطبق الإعفاءات الضريبية الممنوحة للمنشآت الجديدة إلا على الشركات والمصانع الكبيرة، وهذا يحرم 90 في المائة من المنشآت اللبنانية منها. والواقع أن كل الشركات في لبنان تستفيد من معدل ضريبي منخفض على الشركات نسبته 17 في المائة، ولدى الشركات الكبيرة على الأرجح مرونة تجعلها أقدر من الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على اجتياز الأزمة المالية. بدلاً من ذلك، يجب توجيه الحوافز الضريبية الممنوحة للشركات المحلية والاستهلاك المحلي نحو المنشآت التي تشغل أقل من 20 موظفاً.

الرقمنة: تستطيع التكنولوجيات الجديدة في تتبع البيانات أن تزيد كفاءة التصريح الضريبي وتحصيل الضرائب على السواء، لأنها تسمح بجمع بيانات المكلفين من مصادر متنوعة. وقد أحرزت جهود بعض دوائر وزارة المالية تقدماً في هذا المجال، لا سيما في تحصيل الضرائب على الحدود. ويمكن لأدوات رقمية أخرى مراقبة أنشطة التهرّب الضريبي المحتملة في مجالات مثل العقارات غير المسجلة وتتبع الشركات الوهمية[30].

إعادة تخصيص الإعفاءات لصالح القطاعات الإنتاجية: تستفيد قطاعات معينة في الاقتصاد اللبناني حالياً من إعفاءات كبيرة لكنها غير مبررة. وهي تشمل حتى بنوك الاستثمار عالية الربحية التي أعفيت تماماً من ضرائب الشركات طوال السنوات السبع الأولى من عملها، وتدفع بعد ذلك ما لا يتجاوز أربعة في المائة من رأس المال المدفوع للبنك. كما أعفيت الشركات الخارجية ومساهميها من ضريبة دخل الشركات والضرائب على أرباح رأس المال وأرباح الأسهم الموزعة وكذلك على وراثة الأسهم. وفي المقابل، أُهملت الحوافز الضريبية الزراعية الهادفة لتعزيز الأمن الغذائي، والتكنولوجيا الزراعية الموفرة للموارد، والعمل في الريف، ولم تدار نشاطات المناطق الحرة الصناعية استراتيجياً[31]. وبالمثل، أُهملت الحوافز الضريبية التي تشجع المصلحة العامة، مثل تلك الهادفة إلى الحد من التلوث أو حماية التراث البيئي والخدمات البيئية.

فرض الضرائب على الحيتان المالية: ارتبط لبنان مع بلدان عديدة أخرى في اتفاقيات تبادل معلومات أُبرمت في المنتدى العالمي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين. ورغم صعوبة تقدير ما يمكن جمعه، لأن أصولاً أجنبية كثيرة لم تُدرج في الإقرارات الضريبية منذ سنوات، لكنها فنّياً تخضع لضريبة 10 في المائة على دخل رأس المال المنقول[32]. يوجد إضافة لذلك مجالات عديدة يمكن فيها للحكومة تحصيل الضرائب من الذين يجنون أرباحاً فاحشة من الدولة:

  • الأرباح من التلاعب المالي بأثر رجعي (يمكن فرض ضرائب عليها في إطار خطة التعافي المالي).
  • الأرباح من استيراد النفط والغاز (حيث تحظى الشركات بالأصل بامتيازات غير عادلة بسلوكها الاحتكاري).
  • فرض ضرائب على الممتلكات البحرية المحتلة بطرق غير قانونية[33].
  • ضريبة الثروة على كبار الأثرياء.

تشجيع التحول نحو العمل المنظم: شكل القطاع غير المنظم نحو 36 في المائة من الإنتاج المحلي الإجمالي للبنان في عام 2015، ويمثل هذا قاعدة ضريبية ضخمة محتملة مفقودة، وثقب أسود يخفي استغلال العاملين، كما تؤدي  هيمنة العمل غير المنظم إلى تقويض معايير الأجور للعمال المنظمين. يتعين منح عفو عن الضرائب السابقة واللاحقة (والغرامات المحتملة) للشركات غير المنظمة الراغبة في تنظيم قوتها العاملة وعملياتها.

توفر البيانات: على غرار مجالات عديدة في إدارة الدولة، يفتقر لبنان إلى بيانات واضحة ومتيسرة عن تحصيل الضرائب. فرقمنة ونشر بيانات أكثر تفصيلاً عن الضرائب، ولا سيما ضرائب الدخل، يمكّن واضعي السياسات من إجراء تحليلات أكثر دقة للكلفة والفائدة في وضع سياسات ضريبية تزيد إيرادات الدولة. لكن من الضروري أيضاً تطبيق شروط إلزامية صارمة على وزارة المالية ومصرف لبنان بتقديم تقارير تتيح للناس في نهاية المطاف معرفة أين ذهبت أموالهم.

ملاحظة المحرر: تتقدم البديل بشكر خاص لإسحاق ديوان وشركائه الذين ساهموا في هذه الورقة، وللبحث والعمل السابقين في مجال الإصلاح الضريبي. كما تشكر أيضاً مينيرفا صادق وشربل قرقماز على مساهمتهما في البحث وجمع البيانات.

[1] Assouad L, (2019), “Twitter”, https://twitter.com/lydia_assouad/status/1185635269598470145

[2] Diwan, I. et. al. (2021) “Which Tax Policies for Lebanon? Lessons from the Past for a Challenging Future”, Arab Reform Initiative, https://www.arab-reform.net/publication/which-tax-policies-for-lebanon-lessons-from-the-past-for-a-challenging-future/

[3]  Ibid

[4]  Ray, A. (2022) ‘No More Fun And Games: Saving Lebanon’s Education Before It’s Too Late’ Think Triangle, https://www.thinktriangle.net/saving-lebanon-education-system/?utm_source=rss&utm_medium=rss&utm_campaign=saving-lebanon-education-system

[5] World Bank (2022) ‘World Bank Open Data – Pupil Teacher Ratio Lebanon’,

[6] Ray, A. (2022) ‘No More Fun And Games: Saving Lebanon’s Education Before It’s Too Late’ Think Triangle,

[7] Halabi S. And Boswall J. (2019) ‘Extend and Pretend: Lebanon’s Financial House of Cards’ Think Triangle, https://www.thinktriangle.net/extend-and-pretend-lebanons-financial-house-of-cards-2/

[8] Tamo O (202) ‘Money printing, Inflation & Devaluation of the Lira’ August 29, 2020, https://finance4lebanon.com/money-printing-inflation-devaluation-of-the-lira/

[9] GIZ (2019) Employment and Labour Market Analysis, Lebanon, German Development Corporation, online at https://www.giz.de/en/downloads/ELMA_Lebanon_2019.pdf

[10] BLOMINVEST Bank (2022) ‘Lebanese Parliament Approves 2022 Budget with an Estimated Deficit of 11 T LBP’, https://blog.blominvestbank.com/45047/lebanese-parliament-approves-2022-budget-with-an-estimated-deficit-of-11-t-lbp/

[11] Chehayeb, K. (2022) ‘Lebanon’s draft budget heaps even more pain on the poor’, Al Jazeera English, 21 Jan 2022, BLOMINVEST Bank (2022) ‘Lebanese Parliament Approves 2022 Budget with an Estimated Deficit of 11 T LBP’, https://www.aljazeera.com/economy/2022/1/21/lebanons-draft-budget-heaps-even-more-pain-on-the-poor

[12] Diwan, I. et. al. (2021) “Which Tax Policies for Lebanon? Lessons from the Past for a Challenging Future”, Arab Reform Initiative, https://blog.blominvestbank.com/45047/lebanese-parliament-approves-2022-budget-with-an-estimated-deficit-of-11-t-lbp/

[13] Ibid.

[14] World Bank (2022) ‘World Bank Open Data GDP Current USD$ Lebanon’,https://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.MKTP.CD?locations=LB

[15] Boswell, J., Halabi, S. And  Wood D. (202) Shake On It: A Fair IMF Package For Lebanon, Think Triangle, https://www.thinktriangle.net/wp-content/uploads/2020/03/Triangle-Shake-On-It-A-Fair-IMF-Package-For-Lebanon.pdf

[16] OECD (2022) ‘Tax Database, Key Economic Indicators’, Organisation for Economic Cooperation and Development , https://www.oecd.org/tax/tax-policy/tax-database-update-note.pdf

[17] Diwan, I. et. al. (2021) “Which Tax Policies for Lebanon? Lessons from the Past for a Challenging Future”, Arab Reform Initiative, https://www.arab-reform.net/publication/which-tax-policies-for-lebanon-lessons-from-the-past-for-a-challenging-future/

[18] Ibid.

[19] Mahmalat M.  and Atallah S. (2018) Why Does Lebanon Need CEDRE? How Fiscal Mismanagement and Low Taxation on Wealth Necessitate International Assistance,’ Lebanese Centre for Policy Studies, Policy Brief 34 , https://api.lcps-lebanon.org/content/uploads/files//1542099984-policy-brief-34-web.pdf

[20] Wood D. And Abdullah O. (2020) “ Coming Clean: Time to Open Lebanon’s Banking Chamber of Secrets,’ Think Triangle, https://www.thinktriangle.net/coming-clean-time-to-open-lebanons-chamber-of-banking-secrets/

[21]https://thebadil.com/commentary/banking-secrecy-lebanon-appearance/

[22] Iaruccci G. (2021) Elizabeth Warren, Bernie Sanders propose 3% wealth tax on billionaires, CNBC, https://www.cnbc.com/2021/03/01/elizabeth-warren-bernie-sanders-propose-3percent-wealth-tax-on-billionaires.html

[23] Financial Times (2021) ‘Billionaires and bankrupts: Lebanon’s second city highlights inequality’ Financial Times, https://www.ft.com/content/049f55e5-061f-4f8b-9d44-1aff71916f98

[24] GIZ (2019) Employment and Labour Market Analysis, Lebanon, German Development Corporation, online at https://www.giz.de/en/downloads/ELMA_Lebanon_2019.pdf

[25]BDL (2022) ‘Currency in Circulation Outside BDL’, Banque Du Liban, https://www.bdl.gov.lb/statistics/table.php?name=t5221-8

[26] 26 OECD (2007), “Removing Barriers to Formalisation”, in Promoting Pro-Poor Growth: Policy Guidance for Donors, OECD Publishing, https://www.oecd-ilibrary.org/docserver/9789264024786-8-en.pdf?expires=1669748584&id=id&accname=guest&checksum=B0B7906DC571D8749AEE4F796F399A4F

[27] Salame R. (2022) ‘Lebanon’s civil servants are leaving in droves. They won’t be replaced soon’, L’Orient Today,  https://today.lorientlejour.com/article/1316973/lebanons-civil-servants-are-leaving-in-droves-they-arent-being-replaced-soon.html

[28] Ibid.

[29] Diwan, I. et. al. (2021).

[30] Ibid.

[31] Ibid.

[32] https://www.lcps-lebanon.org/articles/details/1772/for-an-efficient-fair-and-inclusive-taxation-system

[33] https://english.legal-agenda.com/stolen-public-maritime-property-in-lebanon-no-more-grace-periods/

المواضيع ذات الصلة