إذا كانت المياه حياة فإنه يبقى لقطاع المياه في لبنان قطرة واحدة قبل الإفلاس. بمعدل فقر يتخطى 80 في المائة، ينهب المواطنون أنابيب المياه والكابلات لبيعها مقابل مبلغ من المال يطعمون به أسرهم، بينما تزداد الخلافات على المياه وتتصاعد في بعض هذه الحالات إلى العنف.
يجب أن تتخذ الجمعيات العالمية المساعدة إجراءات سريعة بحذر شديد بينما تتفكك مؤسسات الدولة، وسيزداد الوضع سوءاً على المدى البعيد في ظل تطبيق حلول ترقيعية، كالاعتماد على مافيات توزيع المياه. قد يساعد الدولة لاحقاً استجابة المنظمات غير الحكومية العالمية لأزمة المياه الحالية في لبنان على تأمين خدمات المياه الأساسية لإنقاذ الفئات الأكثر تضرراً في لبنان. نحتاج لحلول مبتكرة ليتجنب الملايين العطش، وقد يكون الاتحاد مع البلديات الحل الأمثل للبنان.
قطاع المياه الغارق
واجه لبنان نقصاً حاداً بالمياه لسنوات عدة حتى ما قبل الأزمة الاقتصادية بسبب سوء إدارة قطاع المياه، كما ساهم تدفق مليون ونصف سوري إلى لبنان منذ 2011 بازدياد العبء على مخزون المياه وتوزيعها. وضخّمت الأزمة الاقتصادية منذ 2019 الكثير من التحديات والمخاطر، حيث يعتبر البنك الدولي هذه الأزمة إحدى أسوأ الأزمات منذ خمسينيات القرن الـ19.
اليوم، المؤسسات الأربعة الكبرى المسؤولة عن ضخ المياه في الشمال والجنوب والبقاع وبيروت مهددة بالتوقف التام، ويستحيل على مؤسسات المياه العامة إعادة تأهيل بنيتها التحتية وخدماتها في ظل انخفاض سعر الصرف بلا استرداد التكلفة. لم يعد بوسع هذه المؤسسات أن تدفع ثمن الوقود المحرك لمضخات المياه أو أن تدفع رواتب موظفيها التي باتت تبلغ ما يقارب الـ30 دولاراً شهرياً.
تفرغ مكاتب مؤسسات المياه العامة في تمام الساعة الـ11 صباحاً في هذه الأيام لأن الموظفين لا يسعهم ملء سياراتهم بالوقود للمجيء إلى العمل، كما أنهم لم يعودوا مندفعين للعمل. تتفاقم المشكلة متأثرةً بتسرب المياه وتكدّس الخسائر الناجمة عن المياه “الضائعة” التي لا تؤمن دخلاً، بينما يواجه معظم السكان مخاطر عسيرة بنقص وشح المياه.