تكشّفت أخيراً “المحاكمة الصوريّة” التي قادتها إسرائيل ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا). فإن التقرير المستقل من قبل وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا، والذي نشر في 20 نيسان، حول المزاعم بأن موظفي الأونروا شاركوا في هجمات 7 تشرين الأول، ذكر من بين استنتاجاته أن المسؤولين الإسرائيليين فشلوا في تقديم “أي دليل لدعم مزاعمهم”.
أشار التقرير إلى العديد من التحديات التي تواجهها الوكالة بما فيها “الافتقار إلى التواصل وتبادل المعلومات” مع الجهات المانحة بشأن قضايا مثل الحياد والميزانيات المالية. ومع ذلك، فقد سلط التقرير الضوء أيضاً على أن الأونروا لديها تدابير “قوية” لضمان التزام عملياتها بمبادئ الحياد الإنساني. تشمل هذه إطار الحياد الشامل للأونروا لعام 2017 والالتزامات الواضحة لموظفي الوكالة. ويأتي تقرير كولونا أيضاً في أعقاب تقرير استخباراتي من واشنطن أنها، وهي أقوى حليف لإسرائيل، لديها “ثقة منخفضة“ في الادعاءات الإسرائيلية ضد الأنروا.
إن هذه الحملة الإسرائيلية المستمرة ضد الأونروا ما هي إلا أحدث جولة من سعي تل أبيب الحثيث لتقويض الوكالة وعرقلة عملياتها وانتهاك أهدافها والدفع من أجل حلّها. ففي شباط من العام الجاري، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية بشكل استباقي النتائج والتوصيات المحتملة لتقرير كولونا باعتبارها “حلول تجميلية“، في حين أن التقرير نفسه جاء نتيجة الضجة التي أثارتها الاتهامات الإسرائيلية في كانون الثاني، والتي دفعت 16 دولة غربية مانحة للأونروا، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، إلى التحرك بشكل جماعي وتعليق تمويل الأنروا بقيمة 440 مليون دولار.
ففي الأسابيع الأخيرة، وبعد أن أدركت معظم الحكومات الدولية أنها خدعت بمزاعم إسرائيل الفارغة، أعادت تمويلها للأنروا بهدوء. إلا أن استمرار واشنطن – والتي كانت أكبر الممولين للأونروا – بحجب الدعم، أوصل العجز في ميزانية الأونروا لعام 2024 إلى 267 مليون دولار اعتباراً من 22 نيسان، أي ما يقرب من ثلث الدخل السنوي المتوقع للوكالة وفقاً لدوروثي كلاوس، مديرة شؤون الأونروا في لبنان. وهذا لا يعرض فقط سكان غزة للخطر، بل يهدد سلامة اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن.