لبنان: هل تعيد الضغوط القانونية الأجنبية أموال المودعين؟

من خلال حملة قانونية وسياسية منسقة، قد يستطيع المودعون الساخطون في لبنان أخيراً إجبار النخب المصرفية على تحمل مسؤولية أفعالها.
ديفيد وود

11 تشرين الثاني، 2021

عندما انهار القطاع المالي في لبنان، كان حتمياً أن تحاول النُخب في البلاد الدفع بهذه الخسائر، لكي يتكبدها اللبنانيون العاديون. فعلى مدى سنوات عدة، جازف المصرفيون اللبنانيون بمدخرات عملائهم، ما جعل المصارف عاجزة عن سداد ديونها بحلول تشرين الأول/ أكتوبر 2019، إن لم يكن قبل ذلك.

وقد أعقب ذلك تطبيق ممارسة غير قانونية سافرة. فقد عززت المصارف التجارية في البلاد، بموافقة مصرف لبنان، من نظام غير قانوني لفرض ضوابط رأس المال. ولم يعد بإمكان معظم المودعين تحويل أموالهم إلى الخارج أو تحويل مدخراتهم من الليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي.

بيد أنه في الوقت نفسه، لم تُطبق هذه الضوابط المفروضة على رأس المال على المصرفيين أنفسهم في لبنان، والشخصيات السياسية البارزة، وغيرهم من النخب النافذة، إذ تمكن هؤلاء من إنقاذ ممتلكاتهم من النظام المالي المتداعي.

وكما أوضحت الدراسة التي صدرت حديثاً عن موقع “تراينغل” بشأن السياسات العامة، فمن المؤكد أن لدى المودعين في لبنان ادعاءات قانونية مقنعة بلا شك. فمن خلال نظام ضوابط رأس المال، انتهكت المصارف اللبنانية حقوق عملائها التعاقدية، فضلاً عن مجموعة كبيرة من القوانين المحلية والدولية.

منذ أمد بعيد، والطبقة السياسية والمصرفية في لبنان تتكل على النظام السائد في البلاد، القائم على التعنت الشديد والإفلات من العقاب.

فقد تنصلت المصارف اللبنانية من المسؤولية عن هذه الانتهاكات، مفضلةً الاعتماد على سياسة الترهيب. وعمدت مصارف كثيرة إلى إغلاق حسابات المودعين المزعجين من دون الرجوع إليهم، وقدمت شيكاً مصرفياً عن أرصدتهم المستحقة التي تعادل فعلياً نحو 20 في المئة من قيمة الودائع الحقيقية.

ومع الأسف، وجد المودعون أن العدالة المحلية تعاني من العجز. إذ انحازت السلطة القضائية اللبنانية، التي تفتقر إلى النزاهة، عموماً إلى المصارف. فضلاً عن أن حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي- التي على رغم تشدقها بعبارات حول تمهيد الطريق لتوزيع عادل للخسائر المصرفية- لديها علاقات مشبوهة مع النخب المصرفية، بدءاً من شقيق رئيس الوزراء نفسه.

في ظل غياب الخيارات المحلية، اتخذت المعركة القانونية ضد المصارف اللبنانية طابعاً عالمياً. فقد رفع المودعون الذين يحملون جنسيات أجنبية دعاوى مدنية في الولايات القضائية التي تمتلك فيها المصارف محافظ استثمارية كبيرة للأصول، مثل فرنسا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وإذا نجحت هذه الدعاوى، بإمكان المحاكم الأجنبية أن تصدر حكماً يسمح للمودعين بالحصول على مدخراتهم، تحت التهديد بالاستيلاء على أصول المصارف في الخارج.

حتى الآن، أحرز المودعون تقدماً أولياً في ما يتعلق بالإجراءات المدنية. فقد أكدت المحكمة العليا في المملكة المتحدة أن المحاكم البريطانية يمكن أن تنظر في دعويين على الأقل من المودعين اللبنانيين- وهي خطوة رئيسية في العملية القانونية. بيد أن الموقف لا يزال أقل وضوحاً في فرنسا والولايات المتحدة، حيث رفض القضاة البت في قضايا محددة.

غير أنه من الواضح أن الدعاوى المدنية وحدها لا يمكن أن تنقذ معظم المودعين المتضررين في لبنان. إذ يتطلب الأمر أن يحمل المدعون عادة جنسية أجنبية، فضلاً عن الموارد المالية الكبيرة. ففي نيويورك، أفادت تقارير بأن اثنين من المودعين أنفقا نحو مليون دولار على الرسوم القانونية فحسب- ومع ذلك رفضت المحكمة قضيتيهما.

لكن هذا لا يعني أن الأنظمة القانونية الأجنبية غير قادرة على مساعدة المودعين اللبنانيين العاديين. بدايةً، يتعين على المودعين ممارسة الضغوط على المدعين العامين الأجانب لبدء التحقيقات في المسؤولية الجنائية المحتملة للنخب المصرفية اللبنانية.

تم نشر هذا التعليق في الأصل على منصة درج ميديا.

المواضيع ذات الصلة