تستعد الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان للظهور بشكل المستجيب لمطالب الحقيقة والمساءلة بعد مرور عامين على انفجار ميناء بيروت المأساوي الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، فقد انتخب البرلمان اللبناني سبعة أعضاء في المجلس الأعلى في 26 يوليو (تموز) الماضي، وهي أرفع محكمة في البلاد، والتي تتمتع بالسلطة الدستورية لمحاكمة الرئيس ورئيس الوزراء وحتى الوزراء.
ومع ذلك، على الرغم من اللقب السامي وعقود من الانتهاكات المحتملة للسلطة من قبل النخبة السياسية في لبنان، لم يدين المجلس أي شخص في الواقع، حيث تم استدعاؤه للعمل مرتين فقط منذ عام 1990، أولاً ضد الرئيس أمين الجميّل آنذاك، ثم ضد وزير النفط والصناعة السابق شاهي برصوميان، ولم تتم إدانة أي منهما، بينما كانت هناك محاولة فاشلة لإحالة ثلاثة وزراء سابقين إلى المجلس الأعلى بتهم فساد في عام 2019.
والآن، قد تكون أحدث قضية للمجلس هي انفجار مرفأ بيروت عام 2020. ويمكن أن يكون للمجلس لم يكلف رسميا بعد بالقضية، وقد لا يكون كذلك أبدا، نظرا للحاجة إلى أغلبية برلمانية من ثلثي المسؤولين الحكوميين لمقاضاة كبار المسؤولين العموميين في البلد.
في حين يبدو أنه يلعب دورا بالغ الأهمية في النظام القانوني للبلاد، إلا أن الجوانب العملية المتعلقة بالمجلس تكشف أنه أحد المظاهر المبكرة لظاهرة حولتها الطبقة السياسية اللبنانية إلى شكل فني حقيقي: الإصلاحات التي تبدو رائعة على الورق ولكنها لا تزال تعوقها بنود حارس البوابة التي تحول دون تنفيذها على الإطلاق.
وحتى لو كلف البرلمان المجلس بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت، فإن تشكيلته – سبعة نواب متحالفين سياسيا وثمانية قضاة يمكن أن يتعرضوا للخطر سياسيا – لا تعطي سببا يذكر للأمل في أن يكون هناك أي سعي صارم لتحقيق العدالة. ويمثل النواب السبعة الذين انتخبوا مؤخرا للجلوس في المحكمة طيفا متساويا من المؤيدين في النظام الطائفي اللبناني.