القانون
قدم لبنان في أعقاب انهيار بنك إنترا سيئ السمعة في عام 1966 القانون رقم 2/67 لاستعادة الثقة في القطاع المصرفي، وينص القانون بوضوح على أنه عندما يتخلف المصرف عن السداد، يجب أن يدخل في إجراءات الإعسار، على أن يتولى الجهاز القضائي التحقيق في الإدارة العليا للبنك، ورهناً لنتيجة التحقيق، يمكن تحميل مجلس الإدارة المسؤولية والاستحواذ على أملاكهم الشخصية لتغطية ديون البنك.
على أن يتولى الجهاز القضائي التحقيق في الإدارة العليا للبنك، ورهناً لنتيجة التحقيق، يمكن تحميل مجلس الإدارة المسؤولية والاستحواذ على أملاكهم الشخصية لتغطية ديون البنك.
ولدعم دعوى قضائية، يجب أولاً إعلان إعسار البنك المتخلف عن السداد في المحكمة، حيثُ يمكن لأربع مجموعات طلب الإعسار في المحكمة، وهذه المجموعات هي: مصرف لبنان، بالإضافة إلى المصارف التجارية، الدائنين، والمدعي العام،
وبحسب ما يقول حشاش: “لم يقدم [مصرف لبنان والمصارف التجارية والمدعي العام] هذه القضية لأنهم يسعون لحماية مصالحهم وليس مصلحة الجمهور“.
يقول المحامي كريم ضاهر في مقال كتبه في صحيفة “لورينت توداي” إن: “عدد كبير من البنوك اللبنانية تخلفت بحكم الأمر الواقع عن سداد مستحقاتها في 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019″، ومع ذلك، لم يتقدّم حتى الآن سوى الدائنين للضغط من أجل بدء إجراءات الإعسار.
وفي حال بدأت المحكمة إجراءات الإفلاس، فإنه ستتم ازالة مجلس إدارة البنك، بالإضافة إلى تجميد أصولهم لمدة 12 شهراً، كما سيتم رفع السرية المصرفية عن أعضاء مجلس الإدارة، وأزواجهم، وأطفالهم.
وستقوم المحكمة بعد ذلك بتعيين مديراً مؤقتاً ولجنة لمراجعة خسائر البنك وتقديم توصية حول ما إذا كان يجب إعادة هيكلة البنك أو الدخول في التصفية.
ويجب أن تضم اللجنة أغلبية الأعضاء الذين يمثلون الدائنين والمساهمين والمودعين، بينما يشمل بقية أعضاء اللجنة الخبراء المعينين من قبل المحكمة والمسؤولين الحكوميين، ويتوّجب على اللجنة مراجعة أصول البنك والتزاماته وإجراءات التقييم في غضون ستة أشهر، وفي حال لم تفعل اللجنة ذلك، فإن لجنة ثانية برئاسة حاكم مصرف لبنان سترفع التوصية النهائية للمحكمة.
وقالت المحامية والمؤسسة لرابطة المودعين المحامية زينة جابر إن: “حقيقة أن حاكم مصرف لبنان يمكن أن يكون له رأي هي علامة استفهام كبيرة“، ويواجه حاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة تهماً بالفساد والاختلاس المتعددة في الكثير من البلدان، ويُعتبر على نطاق واسع مهندس الانهيار المالي في لبنان.
ووفقاً لحشاش فإنه يجب أن يتم السعي للحصول على إعلان الإفلاس لسبب بسيط وهو أنه إذا أعلنت المحكمة أن البنك عاجز عن سداد الدين، فإنه سيكون لدى البنك 18 شهراً قبل التخلف عن السداد، حيث يمكن عكس جميع المشتريات والمبيعات والتداولات والتحويلات.
من سيدفع الفاتورة؟
يجوز للمحكمة أن تقرر تصفية البنك أو إعادة هيكلته بمجرد أن تقدم اللجنة نتائجها، وبحسب ما يقول حشاش: “[في أي من السيناريوهين] يمكن مقاضاة مجلس الإدارة مدنياً أو جنائياً بالاعتماد على الأخطاء التي ارتكبوها“.
كذلك فإنه ليست هناك حاجة لوقوع جريمة لتحميل مجلس الإدارة المسؤولية، كما هو الحال في حالة الإفلاس الاحتيالي، إذ تقول جابر حول ذلك إن: “عبء إثبات مسؤولية الإدارة العليا مدنياً هو إثبات ارتكابها أخطاء في إدارة البنك“.
قانون التجارة اللبناني لا يفعل الكثير لحماية أصحاب الأعمال المفلسين، الأمر الذي يثبط على المدى الطويل الاستثمار في الاقتصاد. ولكن في حالة البنوك المعسرة، يمكن أن يساعد ذلك في رفع دعاوى قضائية مدنية وجنائية ضد مديري البنوك.
إذ إن قانون التجارة اللبناني لا يقدم الكثير لحماية رجال الأعمال المفلسين، الأمر الذي يثبط الاستثمار في الاقتصاد على المدى الطويل، ولكن في حالة البنوك التي تواجه الإعسار، فإنه يمكن أن يساعد ذلك في رفع دعاوى مدنية وجنائية ضد مديري البنوك، ووفقاً لما يقول حشاش: “عادة ما يتم اعتبار رئيس ومدقق حسابات البنك مسؤولين جنائياً لسبب بسيط هو أنهم أول من يعرف بما يفعله البنك“.
فجوة في الدرع
لعل الخبر السار في ذلك هو أن القانون رقم 2/67 يسلط الضوء على طريق للخروج من العاصفة المالية، في حين أن الخبر السيء يتمثّل في حاجة الدائنين إلى قضاء محايد وفعّال لتوجيههم، وهو ما لا يعرفه القضاء اللبناني.
إن أوجه القصور في النظام القضائي واضحة للعيان، إذ إنه على سبيل المثال لا الحصر، في حالة الإثراء غير المشروع لرياض سلامة، كان هناك عدد كبير من القضاة إما غير مستعدين أو غير قادرين على تولي القضية
وبحسب ما ذكر حشاش فإن “جمعية مصارف لبنان ومصرف لبنان يمنعان البنوك من الشروع في هذه الإجراءات لسبب بسيط وهو: أنه بمجرد إعلان إفلاس بنك في لبنان ستتبعه جميع البنوك الأخرى“.
وكانت رابطة المودعين قد رفعت دعوى قضائية بموجب القانون 2/67 في فبراير (شباط) 2021. وتوضح جابر ذلك بقولها: “تم رفع شكوى جنائية إلى النائب العام الأعلى في بيروت [غسان عويدات]، لكن لأسباب سياسية لم يتابع الملف“، وتابعت مضيفة إنهم “يحفظون الملف في الدرج أساساً“.
على الرغم من سحابة الشك التي تحيط بالقضاء اللبناني، فإنه لا يزال بإمكان القانون 2/67 حماية المودعين من عمليات النهب التي تمارسها النخبة السياسية المصرفية، وإذا قام المدعون العامون مثل عويدات فقط بعملهم، فإن القانون يحدد خطة تعثر أو إعادة هيكلة منظمة لسداد الدائنين والمودعين، وذلك في تناقض صارخ مع الفوضى التي نعيشها اليوم.
[1] المفوض بالتوقيع هو الشخص الذي أعطي الحق في التوقيع على المستندات نيابة عن الشركة. عادة ما يكون رئيس مجلس الإدارة.
[i] صندوق النقد الدولي، “صندوق النقد الدولي يتوصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن السياسات الاقتصادية مع لبنان للحصول على تسهيل صندوق ممدد لمدة أربع سنوات”، https://www.imf.org/en/News/Articles/2022/04/07/pr22108-imf-reaches-agreement-on-economic-policies-with-lebanon-for-a-four-year-fund-facility
[ii] كريم ضاهر، لوريان توداي، 23 مارس 2022، “دعاوى المودعين ضد البنوك: تكلفة عدم القيام بأي شيء”، https://today.lorientlejour.com/article/1294550/depositors-lawsuits-against-banks-the-cost-of-doing-nothing.html